ولا يتوهّم : «إنّه يلزم من ذلك عدم حسن الاحتياط فيما احتمل كونه من العبادات المستحبّة ، بل حسن الاحتياط بتركه» ، إذ لا ينفكّ ذلك عن احتمال كون فعله تشريعا محرّما ، لأنّ حرمة التشريع تابعة لتحقّقه ، ومع إتيان ما احتمل كونه عبادة لداعي هذا الاحتمال لا يتحقّق موضوع التشريع ؛ ولذا قد يجب الاحتياط مع هذا الاحتمال ، كما في الصلاة إلى أربع جهات ، أو في الثوبين المشتبهين ، وغيرهما. وسيجيء زيادة توضيح لذلك إن شاء الله.
____________________________________
التحريم المشتبه مع |
(١) الإباحة |
(٢) الكراهة |
التحريم المشتبه مع |
(٣) الاستحباب |
(٤) الاباحة والكراهة |
التحريم المشتبه مع |
(٥) الاباحة والاستحباب |
(٦) الكراهة والاستحباب |
التحريم المشتبه مع |
(٧) الاباحة والكراهة والاستحباب |
|
وممّا تقدّم يظهر أنّ الإشكال يقع في القسم الثالث من الجدول وجوابه هو : بعدم الفرق في حسن الاحتياط بالترك بين جميع الأقسام المذكورة حتى في القسم الثالث ؛ لأنّ دفع المفسدة الملزمة بالترك أولى من جلب المصلحة غير الملزمة بالفعل ، كما لا يخفى.
(ولا يتوهّم : «إنه يلزم من ذلك عدم حسن الاحتياط فيما احتمل كونه من العبادات المستحبة ... إلى آخره).
ولا بدّ أوّلا من تقريب التوهّم حتى يتّضح فساده.
أمّا تقريبه فهو : إنّ من المسلّم بين الفقهاء هو حسن الاحتياط بالفعل في العبادات التي لم يحرز استحبابها لعدم اعتبار ما دلّ على استحبابها كصلاة الأعرابي مثلا ، ولكن مقتضى ما ذكر من حسن الاحتياط بالترك فقط هو عدم حسن الاحتياط بالفعل لدورانه بين الاستحباب والحرمة التشريعيّة ، إذ إتيانه بعنوان العبادة المستحبّة تشريع محرّم عقلا وشرعا.
وأمّا فساد التوهّم فأوضح من الشمس ؛ لأنّ كون التحريم المحتمل في المقام تشريعيّا ينتفي بانتفاء موضوعه إذا أتى بالفعل برجاء كونه مستحبّا ؛ لأنّ التشريع هو إدخال ما لم يعلم أنّه من الدّين في الدّين ، وهذا الملاك لا يتحقّق فيما إذا أتى بالفعل برجاء استحبابه.