غير تامّ فى نفسه ، أجنبيّ عنه بالمرّة.
نعم ، قد يستفاد من استصحاب البراءة السابقة الظنّ بها فيما بعد الشرع ، كما سيجيء عن بعضهم. لكن لا من باب لزوم التكليف بما لا يطاق الذي ذكره المحقّق رحمهالله.
ومن هنا يعلم أنّ تغاير القسمين الأوّلين من الاستصحاب باعتبار كيفيّة الاستدلال ،
____________________________________
لأنّ حصول الظنّ في عامّ البلوى يكون مسبّبا عن تتبّع الحكم والدليل عليه وعدم وجدانهما لا عن بطلان التكليف بما لا يطاق.
(ولا بكلام المحقّق).
إذ لم يكن في كلامه في المعارج دلالة ولا إشارة إلى الفرق بين عامّ البلوى وبين غيره ، بل المستفاد من كلامه هو التمسّك في نفي الحكم بقاعدة عدم الدليل بالظنّ ، بل في كلامه إشارة إلى عدم الفرق بين عامّ البلوى وبين غيره ؛ لأنّ عدم جواز التكليف بما لا يطاق جار في عامّ البلوى وغيره.
(فما تخيّله المحدّث تحقيقا لكلام المحقّق رحمهالله مع أنّه غير تامّ في نفسه ، أجنبي عنه بالمرّة).
وأمّا كونه غير تامّ في نفسه فلأنّ حصول الظنّ من عدم الدليل على عدم الحكم لم يكن دائميّا في عامّ البلوى ولا مختصّا به ، بل قد يحصل منه بعدم الحكم في غير عامّ البلوى أيضا ، فلا فرق فيه بين عامّ البلوى وغيره.
وأمّا كونه أجنبيّا عن كلام المحقّق ، فلما تقدّم من عدم دلالة ولا إشارة في كلامه إلى الفرق بين عامّ البلوى وبين غيره.
(نعم ، قد يستفاد من استصحاب البراءة السابقة الظنّ بها فيما بعد الشرع).
قد يحصل من استصحاب البراءة الذي تقدّم ذكره من المحقّق في المعتبر الظنّ بالبراءة واقعا ، فتكون البراءة ـ حينئذ ـ من الأمارات كما قيل ، إلّا إنّ حصول الظنّ بالبراءة الواقعيّة لم يكن مسبّبا عن بطلان التكليف بما لا يطاق ، بل يكون مسبّبا عن ثبوت البراءة واقعا حال الصغر وقبله.
وبالجملة ، التمسّك بقبح التكليف بما لا يطاق ينفي تنجّز التكليف في مورد عدم الدليل عليه لا وجوده الواقعي.
قوله : (ومن هنا يعلم ... إلى آخره).