فإذا وجب التوقّف هنا وجب فيما لا نصّ فيه بالإجماع المركّب ، فتأمّل.
مع أنّ جميع موارد الشبهة التي امر فيها بالتوقّف لا تخلو عن أن يكون شيئا محتمل
____________________________________
والخصوص ، لشمول أخبار التوقّف تعارض النصّين بحيث دلّ أحدهما على الإباحة ، والآخر على الحظر ، وعدم شمول الخبر المذكور له لورود النهي فيه ، ولكن بعد ضمّ الإجماع المركّب ، وعدم القول بالفصل بين ما لا نصّ فيه ، الذي يكون مادة الاجتماع بينهما ، وبين تعارض النصّين الذي يكون مادة الافتراق من جانب أخبار التوقّف ، وبوحدة الحكم في المادتين بالإجماع المركّب تنقلب النسبة حكما إلى التباين ، إذ بمقتضى وحدة الحكم في مادة الاجتماع والافتراق بالإجماع المركّب ، لو كان التوقّف واجبا لكان واجبا فيهما معا ، ولا بدّ ـ حينئذ ـ من أن يعامل معهما معاملة المتباينين ، لا معاملة العام والخاص ، فيكون نظير قول المولى لعبده : أكرم العلماء ولا تكرم الشعراء منهم ، وقد ثبت من الخارج وحدة الحكم في الشعراء وغيرهم بمعنى : إنّه لو كان الإكرام واجبا ، لكان إكرام الشعراء ـ أيضا ـ واجبا ، فلا بدّ من أن يعامل معهما معاملة المتباينين في الحكم بالتخيير ، أو الترجيح مع أنّ النسبة المنطقية بينهما هي العموم والخصوص ، فتأمّل جيدا.
(فتأمّل) لعلّه إشارة إلى ردّ ما ذكر من عدم كون قوله عليهالسلام : (كل شيء مطلق ... الخ) شاملا لتعارض النصّين ، بل يشمله كما يشمل لما لا نصّ فيه ، وذلك لأنّ المراد من النهي فيه ليس النهي اللفظي ، بل المراد به مدلوله أي : الحرمة.
ثمّ إنّ المراد من الورود المستفاد من (يرد) هو : التحقّق والحصول ، لا الوصول فمعنى قوله عليهالسلام : (كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي) هو كل شيء مباح حتى تتحقّق حرمته ، ومن المعلوم أنّ ما تعارض فيه النصّان لم تتحقّق حرمته ، لكونه مبتلى بالمعارض ، فيكون مشمولا لقوله عليهالسلام : (كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي). أو إشارة إلى منع ثبوت الإجماع المركّب ، والقول بعدم الفصل ، وذلك لثبوت القول بالتفصيل ، حيث يقول بعض : بأنّ الحكم في تعارض النصين هو الاحتياط ، وفيما لا نصّ فيه البراءة.
(مع أنّ جميع موارد الشبهة التي امر فيها بالتوقّف لا تخلو عن أن يكون شيئا محتمل الحرمة ... إلى آخره).
والغرض من هذا الكلام هو ردّ كون النسبة بين الخبر وهو قوله عليهالسلام : (كل شيء مطلق ...