ويردّه ما تقدّم في نظيره من أنّ الرفع راجع هنا إلى شرطيّة طهارة اللباس بالنسبة إلى الناسي ، فيقال بحكم حديث الرفع : إنّ شرطيّة الطهارة شرعا مختصّة بحال الذكر ، فتصير صلاة الناسي في النجاسة مطابقة للمأمور به فلا تجب الإعادة. وكذلك الكلام في الجزء المنسي ، فتأمّل.
____________________________________
آخره)
وملخّص تقريب الإشكال هو : إنّ حديث الرفع كما تقدّم في تقسيم الآثار لا يشمل الآثار العقلية ولا الآثار الشرعية المترتبة على الآثار العقلية ، فحينئذ نقول في تقريب الإشكال : إنّ وجوب الإعادة بنفسه وإن كان أثرا شرعيا ، إلّا إنّه مترتب على ما هو أثر عقلي ، أي : مخالفة المأتي به للمأمور به الموجبة لبقاء الأمر الأول المقتضي لإتيانه في الوقت بعنوان الإعادة ، ومن المعلوم أنّ المخالفة ليست من الآثار الشرعية للنسيان أو الشرط أو الجزء ، بل هي من الآثار العقلية ، فوجوب الإعادة وإن كان شرعيا إلّا إنه لمّا كان مترتبا على ما هو أثر عقلي لا يرتفع بحديث الرفع حتى يتمسّك على عدمه به ، فالتمسّك بحديث الرفع على عدم وجوب الإعادة على من صلّى في النجاسة ليس بصحيح.
وأما كون هذا الإشكال نظيرا للسابق في البطلان ، فهو أنّ المرتفع بحديث الرفع أمر مجعول شرعا ، ولم يكن مترتبا على ما هو أثر عقلي ؛ وذلك لأن المرتفع بالحديث هو شرطيّة الطهارة حال النسيان ، بل تكون مختصّة بالذاكر ولم تجعل شرطا للناسي ، فالمأمور به في حقّ الناسي هو الصلاة غير المشروطة بالطهارة ، فتكون صلاته في النجاسة مأمورا به ، وحينئذ يكون المأتي به مطابقا للمأمور به ، ولهذا لا تجب الإعادة ، فالتمسّك بحديث الرفع على عدم وجوب الإعادة على من صلّى في النجاسة ناسيا صحيح من دون أي إشكال أصلا. وسيأتي هذا الكلام في الجزء المنسي ـ أيضا ـ إن شاء الله تعالى.
(فتأمّل) لعلّه إشارة إلى ما قد يتوهّم من أنّ حديث الرفع لا يرفع شرطية الطهارة ، لأنّ الشرطية كالجزئيّة ليست من المجعولات الشرعية ، بل من الامور المنتزعة من الأحكام كسائر الأحكام الوضعية ، كما هو مختار المصنّف قدسسره ، ومن المعلوم أنّ الامور الانتزاعية التي تكون الشرطية منها غير قابلة للجعل أو الرفع وإنّما وجودها وعدمها تابع لوجود منشأ انتزاعها وعدمه ، كما هو ثابت في محله.