ردعهم وتنبيههم على بطلان سلوك هذا الطريق في الأحكام الشرعيّة ، كما ردع في مواضع خاصّة ، وحيث لم يردع علم منه رضاه بذلك ؛ لأنّ اللّازم في باب الإطاعة والمعصية الأخذ بما يعدّ طاعة في العرف وترك ما يعدّ معصية كذلك.
فإن قلت : يكفي في ردعهم الآيات المتكاثرة والأخبار المتظافرة ، بل المتواترة ، على حرمة العمل بما عدا العلم.
____________________________________
(وإلّا وجب عليه ردعهم) أي : وإن لم يكتف الشارع بالرجوع إلى الثقة ، ولم يمض هذه الطريقة منهم ، وجب عليه ردع العقلاء عن سلوك هذا الطريق في الأحكام الشرعية ، كما ردع عن العمل بخبر الثقة في مواضع خاصة كالتي يجب فيها الرجوع إلى البيّنة ، كما في الزنا والقتل وغيرهما.
قوله : (لأن اللّازم في باب الإطاعة والمعصية الأخذ بما يعدّ طاعة في العرف) دفع لما يمكن أن يقال من أنّه لم يرد ردع من الشارع ، ولكن عدم الردع منه لا يكون دليلا على الرضا منه.
وحاصل الدفع والجواب : هو أنّ اللّازم بحسب حكم العقل في باب الإطاعة والمعصية هو الأخذ بما يعدّ طاعة عند العرف ، وترك ما يعدّ معصية كذلك.
وبعبارة اخرى : إنّ العقل يحكم مستقلا في باب الإطاعة والمعصية بوجوب الأخذ بطريق يعدّ في العرف طاعة ، كالأخذ بخبر الثقة مثلا ، وكذلك يحكم بالاجتناب عن طريق يعدّ في العرف معصية ، كمخالفة خبر الثقة مثلا.
فوظيفة المكلّف بمقتضى حكم العقل هي أن يأخذ بخبر الثقة في طريق إطاعة أحكام الشرع لأنه طاعة عرفا ، وأن يجتنب عن مخالفة خبر الثقة لأنها معصية عرفا ، والشارع إن رضى بذلك فهو ، وإلّا لوجب عليه الردع عنه في الأحكام الشرعية لئلّا يلزم الإغراء بالجهل.
(فإن قلت : يكفي في ردعهم الآيات المتكاثرة) وهي الآيات الناهية عن العمل بغير العلم كقوله تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(١) ، وقوله تعالى : (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِ
__________________
(١) الإسراء : ٣٦.