رَسُولٍ) هو نبي أمر بالتبليغ (وَلا نَبِيٍ) أي لم يؤمر بالتبليغ (إِلَّا إِذا تَمَنَّى) قرأ (أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) قراءته ما ليس من القرآن مما يرضاه المرسل إليهم ، وقد قرأ النبي صلىاللهعليهوسلم في سورة النجم بمجلس من قريش بعد أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى بإلقاء الشيطان على لسانه من غير علمه صلىاللهعليهوسلم به تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى ففرحوا بذلك ثم أخبره جبريل بما ألقاه الشيطان على لسانه من ذلك فحزن فسلي بهذه الآية ليطمئن (فَيَنْسَخُ اللهُ) يبطل (ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ) يثبتها (وَاللهُ عَلِيمٌ) بإلقاء الشيطان ما ذكر (حَكِيمٌ) (٥٢) في تمكينه منه يفعل ما يشاء (لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً) محنة (لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) شك ونفاق (وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ) أي المشركين عن قبول الحق (وَإِنَّ الظَّالِمِينَ) الكافرين (لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ) (٥٣) خلاف طويل مع النبي صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين حيث جرى على لسانه ذكر آلهتهم بما يرضيهم ثم أبطل ذلك (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) التوحيد والقرآن (أَنَّهُ) أي القرآن (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ) تطمئن (لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ) طريق (مُسْتَقِيمٍ) (٥٤) أي دين الإسلام (وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ) شك (مِنْهُ) أي القرآن بما
____________________________________
فقال : هي من وضع الزنادقة ، وقال البيهقي : هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل ، فقد روى البخاري في صحيحه ، أنه صلىاللهعليهوسلم قرأ سورة النجم ، وسجد فيها المسلمون والكفار والإنس والجن ، وليس فيه حديث الغرانيق. وأما المعقول فمن أوجه : أحدها : أن من جوز على النبي صلىاللهعليهوسلم تعظيما للأوثان فقد كفر. ثانيها : لو كان الإلقاء على الرسول ثم الإزالة عنه ، لكانت عصمته من أول الأمر أولى ، وهو الذي يجب علينا اعتقاده في كل نبي. ثالثها ، وهو أقوى الأوجه : أنا لو جوزنا ذلك ، لارتفع الأمان عن شرعه. ثم قال الرازي : وقد عرفنا أن هذه القصة موضوعة ، وخبر الواحد لا يعارض الدلائل العقلية والنقلية المتواترة ، قاله الخطيب ، ثم قال : وهذا هو الذي يطمئن إليه القلب ، وإن أطنب ابن حجر العسقلاني في صحتها ، انتهى. ويكون معنى الآية على هذا التحقيق ، ألقى الشيطان في أمنيته أي تلاوته شبها وتخيلات في قلوب الأمم ، بأن يقول لهم الشيطان : هذا سحر وكهانة ، فينسخ الله تلك الشبه من قلوب من أراد لهم الهدى ، ويحكم الله آياته في قلوبهم ، والله عليم بما ألقاه الشيطان في قلوبهم ، حكيم في تسليطه عليهم ، ليميز المفسد من المصلح.
قوله : (لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ) متعلق بيحكم أي ثم يحكم الله آياته ليجعل ، الخ. قوله : (وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ) عطف على الذين ، أي فتنة للقاسية قلوبهم. قوله : (حيث جرى على لسانه) الخ ، قد علمت أن هذا خلاف الصواب ، والصواب أن يقول حيث سلط الشيطان عليهم بالوسوسة والطعن في القرآن. قوله : (وَلِيَعْلَمَ) عطف على ليجعل. قوله : (فَيُؤْمِنُوا بِهِ) أي بالقرآن. قوله : (أي دين الإسلام) أي وسمي صراطا لأنه يوصل لمرضاة الله ، كما أن الصراط يوصل لدار النعيم.
قوله : (وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا) رجوع لذكر حال الكفار وما هم عليه. قوله : (أي القرآن) أشار