بل (يُضاهِؤُنَ) يشابهون به (قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ) من آبائهم تقليدا لهم (قاتَلَهُمُ) لعنهم (اللهُ أَنَّى) كيف (يُؤْفَكُونَ) (٣٠) يصرفون عن الحق مع قيام الدليل (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ) علماء اليهود (وَرُهْبانَهُمْ) عباد النصارى (أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) حيث اتبعوهم في تحليل ما حرم وتحريم ما أحل (وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا) في التوراة والإنجيل (إِلَّا لِيَعْبُدُوا) أي بأن يعبدوا (إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ) تنزيها له (عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٣١) (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ) شرعه وبراهينه (بِأَفْواهِهِمْ) بأقوالهم فيه (وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَ) يظهر (نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) (٣٢) ذلك (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ) محمدا صلىاللهعليهوسلم (بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ) يعليه (عَلَى الدِّينِ
____________________________________
بيتنا فيها ، فلم يخرج منه سنة حتى تعلم الإنجيل ، ثم خرج وقال : قد نوديت أن الله قد قبل توبتك ، فصدقوه وأحبوه وعلا شأنه فيهم ، ثم إنه عهد إلى ثلاثة رجال ، اسم واحد نسطورا ، والآخر يعقوب والآخر ملكان ، فعلم نسطورا أن عيسى ومريم آلهة ثلاثة ، وعلم يعقوب أن عيسى ليس بإنسان وأنه ابن الله ، وعلم ملكان أن عيسى هو الله لم يزل ، فلما تمكن ذلك فيهم ، دعا كل واحد منهم في الخلوة وقال له : أنت خالصتي ، وادع الناس لما علمتك ، وأمره أن يذهب إلى ناحية من البلاد ، ثم قال لهم : إني رأيت عيسى في المنام وقد رضي عني ، وقال لكل واحد منهم إني سأذبح نفسي تقربا إلى عيسى ، ثم ذهب إلى المذبح فذبح نفسه ، وتفرق أولئك الثلاثة ، فذهب واحد إلى الروم ، وواحد إلى بيت المقدس ، والآخر إلى ناحية أخرى ، وأظهر كل واحد منهم مقالته ، ودعا الناس إليها ، فتبعه على ذلك طوائف من الناس ، فتفرقوا واختلفوا.
قوله : (بِأَفْواهِهِمْ) من المعلوم أن القول لا يكون إلا بالأفواه ، فذكرها مبالغة في الرد عليهم ، قوله : (يُضاهِؤُنَ) بضم الهاء بعدها واو ، وبكسر الهاء بعدها همزة مضمومة ، ثم واو ، قراءتان سبعيتان. قوله : (قاتَلَهُمُ اللهُ) أي أبعدهم عن رحمته ، فهو دعاء عليهم. قوله : (أَنَّى يُؤْفَكُونَ) استفهام تعجب ، والاستفهام رجع إلى الخلق ، لأن الله يستحيل عليه التعجب. قوله : (اتَّخَذُوا) أي اليهود والنصارى. قوله : (أَحْبارَهُمْ) جمع حبر بالفتح والكسر ، والثاني أفصح ، العالم الماهر. قوله : (حيث اتبعوهم) أشار بذلك إلى أنهم لم يتخذهم أربابا حقيقة ، بل المعنى كالأرباب في شدة امتثالهم أمرهم.
قوله : (وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ) بالنصب على عطف على (أَحْبارَهُمْ) والمفعول الثاني محذوف لدلالة ما قبله عليه تقديره ربا. قوله : (وَما أُمِرُوا) إلخ ، الجملة حالية. قوله : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) صفة ثانية لإلها. قوله : (شرعه وبراهينه) أي الدالة على صدقه صلىاللهعليهوسلم ، وهي ثلاثة أمور : أحدها المعجزات الظاهرات ، ثانيها القرآن العظيم ، ثالثها كون دينه الذي أمر باتباعه ، وهو دين الإسلام ، ليس فيه شيء سوى تعظيم الله والانقياد لأمره ونهيه ، والتبري من كل معبود سواه ، فهذه أمور نيرة واضحة في صحة نبوته صلىاللهعليهوسلم ، فمن أراد إبطال ذلك فقد خاب سعيه. قوله : (إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ) أي يعليه ويرفع شأنه. قوله : (وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) شرط حذف جوابه لدلالة ما قبله عليه ، والتقدير : ولو كره الكافرون إتمامه لأتمه ولم يبال بهم. قوله : (بِالْهُدى) أي القرآن. قوله : (وَدِينِ الْحَقِ) أي دين الإسلام. قوله : (جميع