(فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) من الذنوب (وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) (٥٠) هو الجنة (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا) القرآن بإبطالها (مُعاجِزِينَ) من اتبع النبي أي ينسبونهم إلى العجز ويثبطونهم عن الإيمان أو مقدرين عجزنا عنهم وفي قراءة معاجزين مسابقين لنا أي يظنون أن يفوتونا بإنكارهم البعث والعقاب (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) (٥١) النار (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ
____________________________________
إشارة إلى أن في الآية اكتفاء ، بدليل التعميم المذكور بعد. قوله : (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) أي من الذنوب الصغائر والكبائر. قوله : (وَالَّذِينَ سَعَوْا) أي اجتهدوا. قوله : (بإبطالها) الباء بمعنى في ، والمعنى اجتدوا في إبطالها حيث قالوا في القرآن : (إنه أساطير الأولين) وسحر وكهانة. قوله : (من اتبع النبي) أشار به إلى أن مفعول معجزين محذوف. قوله : (يثبطونهم) أي يعوقونهم ويشغلونهم. قوله : (أو مقدرين عجزنا) أي فالمفعول محذوف تقديره الله. والمعنى عليه ظانين عجزنا عنهم. قوله : (وفي قراءة معاجزين) أي وهي سبعية أيضا ، وتقدير المفعول عليها معاجزين الله ، أي مسابقين له ، ومعنى مسابقتهم ظنهم الفرار من عذاب الله ، ومعنى مسابقة الله العذاب بهم وعدم فرارهم منه. قوله : (يظنون أن يفوتونا) أي فلا يلحقهم عذابنا. قوله : (أَصْحابُ الْجَحِيمِ) أي مآلهم لها ، وهي معدة لهم.
قوله : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ) الخ ، هذه تسلية ثانية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم. قوله : (مِنْ رَسُولٍ مِنْ) زائدة في المفعول أي رسولا. قوله : (هو نبي أمر بالتبليغ) أي إنسان ذكر حر ، أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه. قوله : (وَلا نَبِيٍ) عطف على (رَسُولٍ). إن قلت : إن تفسير النبي بكونه لم يؤمر بالتبليغ ، ينافي قوله أرسلنا. أجيب : بأن الإرسال معناه البعث لنفسه ، لأنه أوحي إليه بشرع يعمل به في نفسه ، وليس مأمورا بتبليغه للخلق ، أو يقدر قبل قوله ولا نبي ما يناسبه ، كأن يقال مثلا : ولا نبأنا من نبي على حد : علفتها تبنا وماء باردا. قوله : (أي لم يؤمر بالتبليغ) أشار المفسر بهذا ، إلى أن العطف في الآية مغاير ، وإن كان لفظ النبي أعم. قوله : (قراءته) إنما سميت القراءة أمنية ، لأن القارىء إذا وصل إلى آية رحمة تمنى حصولها ، أو آية عذاب تمنى البعد عنه. قوله : (ما ليس من القرآن) مفعول ألقى. قوله : (مما يرضاه) بيان لما. قوله : (المرسل إليهم) أي وهم الكفار. قوله : (وقد قرأ النبي) أشار بذلك إلى أن سبب نزول هذه الآية ، قراءة النبي سورة النجم ، وذلك كان في رمضان سنة خمس من البعثة ، وكانت الهجرة إلى الحبشة في رجب من تلك السنة ، وقدوم المهاجرين إلى مكة كان في شوال من تلك السنة. قوله : (بالقاء الشيطان) متعلق بقرأ. قوله : (تلك الغرانيق) معمول (قرأ) والغرانيق في الأصل الذكور من طير الماء واحدها غرنوق كفردوس ، أو غرنوق كعصفور ، وكانوا يزعمون أن الأصنام تقربهم من الله وتشفع لهم ، فشبهت بالطيور التي تعلو في السماء وترتفع. قوله : (ففرحوا بذلك) أي بما سمعوه وقالوا : ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم. قوله : (يبطل) أي يزيل ، فالنسخ في اللغة معناه الإزالة ، وما ذكره المفسر من قصة الغرانيق ، رواية عامة المفسرين الظاهريين. قال الرازي : أما أهل التحقيق فقد قالوا : هذه الرواية باطلة موضوعة ، واحتجوا على البطلان بالقرآن والسنة والمعقول ، أما القرآن فبوجوه : أحدها قوله تعالى : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ) الآية. ثانيها (قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي) الآية : ثالثها قوله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى). وأما السنة فمنها ما روي عن محمد بن خزيمة أنه سئل عن هذه القصة