رَحُبَتْ) أي مع رحبها أي سعتها فلا يجدون مكانا يطمئنون إليه (وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ) قلوبهم للغم والوحشة بتأخير توبتهم فلا يسعها سرور ولا أنس (وَظَنُّوا) أيقنوا (أَنْ) مخففة (لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ) وفقهم للتوبة (لِيَتُوبُوا إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (١١٨) (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ) بترك معاصيه (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (١١٩) في الإيمان والعهود بأن تلزموا الصدق (ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ) إذا غزا (وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ) بأن يصونوها عما رضيه لنفسه من الشدائد وهو نهي بلفظ
____________________________________
صوته : يا كعب بن مالك أبشر ، قال : فخررت ساجدا وعرفت أن قد جاء فرج ، وأذن رسول الله ، أي أعلم الناس بتوبة الله علينا حين صلاة الفجر ، فذهب الناس يبشروننا ، وذهب قبل صاحبيّ مبشرون ، وركب رجل إلي فرسا وركضها ، وسعى ساع من أسلم ، فأوفى على الجبل ، وكان الصوت أسرع من الفرس ، فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني ، نزعت له ثوبيّ فكسوته إياهما ببشراه ، والله ما أملك من الثياب غيرهما يومئذ ، واستعرت ثوبين فلبستهما وانطلقت إلى رسول الله ، فتلقاني الناس وجاؤوا يهنئوني بالتوبة يقولون : لتهنك بفتح التاء توبة الله عليك ، قال كعب : حتى دخلت المسجد ، فإذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم جالس حوله الناس ، فقام إليّ طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني ، والله ما قام إليّ رجل من المهاجرين غيره ، ولا أنساها لطلحة ، قال كعب : فلما سلمت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال وهو يبرق وجهه من السرور : أبشر بخير يوم مرّ عليك منذ ولدتك أمك ، قال : قلت : أمن عندك يا رسول الله ، أم من عند الله؟ قال : لا ، بل من عند الله ، وكان رسول الله إذا سر استنار وجهه كأنه قطعة قمر ، وكنا نعرف ذلك منه ، فلما جلست بين يديه قلت : يا رسول الله ، إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسول الله ، قال رسول الله : أمسك عليك بعض مالك ، فهو خير لك ، قلت : فإني أمسك سهمي الذي بخيبر ، وأنزل الله على رسول الله (لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِ) إلى قوله : (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) فو الله ما أنعم الله علي من نعمة قط ، بعد أن هداني للإسلام ، أعظم في نفسي من صدقي لرسول الله اه.
قوله : (حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ) الخ أي لم يطمئنوا ولم يسكنوا إلى شيء منها ، و (إِذا) صلة أو ثم ليستقيم المعنى. قوله : (أي من رحبها) بضم الراء وأما بفتحها ، فمعناه المكان المتسع. قوله : (فلا يسعها سرور) العبارة فيها قلب ، أي فلا تسع سرورا. قوله : (أَنْ) (مخففة) أي واسمها ضمير الشأن. قوله : (لا مَلْجَأَ) إلخ ، (لا) نافية للجنس و (مَلْجَأَ) اسمها ، و (مِنَ اللهِ) خبرها ، والجملة سدت مسد مفعولي (ظَنُّوا). قوله : (مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ) أي من سخطه إلا بالتضرع إليه. قوله : (ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ) أي قبل توبتهم. قوله : (لِيَتُوبُوا) أي ليحصلوا التوبة وينشئوها.
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ) خطاب عام لكل مؤمن. قوله : (مَعَ الصَّادِقِينَ مَعَ) بمعنى من ، بدليل القراءة الشاذة المروية عن ابن مسعود. قوله : (ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ) أي لا يصح ولا ينبغي ولا يجوز لهم التخلف عن رسول الله إلخ ، والمعنى إذا خرج رسول الله بنفسه للغزو ، فلا يجوز لأحد من المؤمنين التخلف ، بل ينفرون كافة. قوله : (وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ) يجوز فيه النصب عطفا على (يَتَخَلَّفُوا) والجزم على أن لا ناهية. قوله : (بأن يصونوها) إلخ ، هذا بيان لحاصل المعنى ، وايضاحه