فاتوه (إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ) (٥٩) لا يفوتونه وفي قراءة بالتحتانية فالمفعول الأول محذوف أي أنفسهم وفي أخرى بفتح أن على تقدير اللام (وَأَعِدُّوا لَهُمْ) لقتالهم (مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) قال صلىاللهعليهوسلم هي الرمي رواه مسلم (وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ) مصدر بمعنى حبسها في سبيل الله (تُرْهِبُونَ) تخوفون (بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ) أي كفار مكة (وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ) أي غيرهم وهم المنافقون أو اليهود (لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ) جزاؤه (وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) (٦٠) تنقصون منه شيئا (وَإِنْ جَنَحُوا) مالوا (لِلسَّلْمِ) بكسر السين وفتحها الصلح (فَاجْنَحْ لَها) وعاهدهم قال ابن عباس هذا منسوخ بآية السيف ومجاهد مخصوص بأهل الكتاب
____________________________________
الفوقية ، وأما على قراءة الياء التحتية ، فالذين كفروا فاعل ، والمفعول الأول محذوف تقديره أنفسهم كما قال المفسر ، والمفعول الثاني جملة (سَبَقُوا). قوله : (وفي قراءة بفتح أن) أي مع الياء التحتية لا غير ، فالقراءات ثلاث ، خلافا لما يوهمه المفسر من أنها أربع : وحاصلها أن التاء فيها وجهان ، فتح إن وكسرها ، والياء فيها وجه واحد ، وهو فتح أن لا غير. قوله : (تقدير اللام) أي التي للتعليل.
قوله : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ) أي للكفار مطلقا ، أو لناقضي العهد. قوله : (مِنْ قُوَّةٍ) بيان لما. قوله : (هي الرمي) هذا الحديث رواه عقبة بن عامر قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو على المنبر يقول : «(وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) ألا إن القوة الرمي» ثلاثا ، أخرجه مسلم وقيل : المراد بالقوة جميع ما يتقوى به في الحرب على العدو ، من سلاح ورمي وخيل ورجال ودروع وغير ذلك ، ولا منافاة بين هذا وبين قوله عليه الصلاة والسّلام : «ألا إن القوة الرمي» ، لأن المراد معظم القوة الرمي على حد الحج عرفة ، والندم توبة ، وهذا هو الأحسن. قوله : (مصدر) أي سماعي ، وإلا فالقياسي لما يقتضي الاشتراك ، كقاتل وخاصم وضارب.
قوله : (تُرْهِبُونَ بِهِ) أي بالرباط الذي هو بمعنى الربط. قوله : (أي كفار مكة) هذا باعتبار سبب نزول الآية ، وإلا فالعبرة بعموم اللفظ ، فالمراد جميع الكفارة في أي زمان. قوله : (وهم المنافقون) أورد عليه أن المنافقين لا يقاتلون. أجيب بأن المراد بإرهابهم ، ادخال الرعب والحزن في قلوبهم ، لأنهم إذا شاهدوا قوة المسلمين وشهامتهم ، كان ذلك مرهبا ومخوفا لهم. قوله : (أو اليهود) أو مانعة خلو ، فتجوز الجمع. قوله : (لا تَعْلَمُونَهُمُ) أي لا تعلمون بواطنهم وما انطووا عليه. قوله : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ) أي في جهاد الكفار. قوله : (يُوَفَّ إِلَيْكُمْ) (جزاؤه) أي فالحسنة بسبعمائة ، قال تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ) الآية. قوله : (تنقصون منه شيئا) أي وسماه ظلما لأن وعده بالخير لا يتخلف فكأنه واجب ، وضده مستحيل ، وليس المراد الظلم الحقيقي ، لأنه التصرف في ملك الغير ، ولا ملك لأحد معه ،
قوله : (وَإِنْ جَنَحُوا) أي الكفار مطلقا وبنو قريظة ، وعلى هذين القولين ، يتخرج القول بالنسخ والقول بالتخصيص ، الذي أشار له المفسر بقوله : (قال ابن عباس) الخ ، وهذا مبني على أن المراد بالصلح عقد الجزية ، وأما إن أريد بالصلح غيره من الهدنة والأمان فلا نسخ ، إذ يصح عقد ذلك لكل كافر ، وهذا التقرير مرور على مذهب الشافعي ، من أن الجزية لا تضرب إلا على أهل الكتاب فقط ، وقال