الْأَرْضِ) أرض مصر (وَما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِينَ) (٧٨) مصدقين (وَقالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ) (٧٩) فائق في علم السحر (فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالَ لَهُمْ مُوسى) بعد ما قالوا له إما أن تلقى وإما أن نكون نحن الملقين (أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ) (٨٠) (فَلَمَّا أَلْقَوْا) حبالهم وعصيهم (قالَ مُوسى ما) استفهامية مبتدأ خبره (جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ) بدل وفي قراءة بهمزة واحدة إخبار فما موصول مبتدأ (إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ) أي سيمحقه (إِنَّ اللهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) (٨١) (وَيُحِقُ) يثبت ويظهر (اللهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ) بمواعيده (وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) (٨٢) (فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ
____________________________________
قوله : (قالُوا أَجِئْتَنا) لما لم يجدوا حجة يعارضونه بها ، رجعوا للتقليد المحض ، فقالوا ما ذكر قوله : (عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا) أي من عبادة الأصنام. قوله : (وَتَكُونَ) معطوف على تلفتنا ، أي ولتكون. قوله : (الملك) أي وسمي بالكبرياء ، لأنه أكبر ما يطلب من أمور الدنيا ، ولأنه يورث الكبرياء والعز. قوله : (وَقالَ فِرْعَوْنُ) ليس هذا مرتبا على ما تقدم ، فإن هذا القول وقع في ابتداء القصة ، فالمقصود هنا بيان ذكر القصة لا بقيد ترتبها ، فإن الواو لا تقتضي ترتيبا ولا تعقيبا.
قوله : (فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ) عطف على محذوف تقديره فأتوا بالسحرة. قوله : (بعد ما قالوا له) إلخ. أشار بذلك إلى أنه معطوف على محذوف ، وأصل الكلام ، فلما جاء السحرة ، وجمعوا حبالهم وعصيهم ، وقالوا لموسى : إما أن تلقي ، وإما أن نكون نحن الملقين ، قال موسى الخ. قوله : (ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ) أبهمه إشارة إلى تحقيره. قوله : (فَلَمَّا أَلْقَوْا) أي السحرة ، وتقدم أنهم كانوا ثمانين ألفا. قوله : (حبالهم وعصيهم) أي وتقدم أنها كانت حمل ثلاثمائة بعير. قوله : (استفهامية) أي أيّ شيء جئتم به؟ وهو للتوبيخ والتحقير. قوله : (بدل) أي من ما الاستفهامية ، وأعيدت همزة الاستفهام ، لتكشف استفهام المبدل منه ، على حد قول ابن مالك :
وبدل المضمن الهمز يلي |
|
همزا كمن ذا أسعيد أم علي |
قوله : (بهمزة واحدة إخبار) أي بإسقاط همزة الاستفهام ، ووجهت هذه القراءة ، بأن ما اسم موصول مبتدأ ، وصلتها (جِئْتُمْ بِهِ) والخبر (السِّحْرُ) ، والحاصل : أن في همزة السحر الثانية وجهين ، التسهيل والمد اللازم بقدر ثلاث ألفات ، وهاتان القراءتان على جعل ما استفهامية ، وخبرها (جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ) بدل من ماء ، وأما على إسقاطها فالجملة خبرية ، وما اسم موصول مبتدأ ، (جِئْتُمْ بِهِ) صلته ، و (السِّحْرُ) خبر ، وتحذف همزة أل عند الدرج. قوله : (سيمحقه) أي فلا يبقى له أثر أصلا.
قوله : (إِنَّ اللهَ) إلخ. تعليل لقوله : (سَيُبْطِلُهُ). قوله : (وَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَ) عطف على قوله : (سَيُبْطِلُهُ). قوله : (وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) أي الكافرون. قوله : (فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ) الذرية اسم يقع على القليل من القوم. قوله : (أي فرعون) أشار بذلك إلى أن الضمير في قومه ، عائد على فرعون ، والمراد بذرية قومه ، ناس يسير ، منهم امرأة فرعون ومؤمن آل فرعون ، وخازنه وأولاد خازنه ، وما شطته ، وقيل : إن الضمير عائد على موسى ، وهم ناس من بني إسرائيل نجوا من قتل فرعون ، وذلك أن فرعون لما أمر بقتل بني إسرائيل ، كانت المرأة من بني إسرائيل ، إذا ولدت ابنا وهبته لقبطية ، خوفا عليه من القتل ، فنشأوا بين القبط ، فلما كان اليوم الذي غلب موسى فيه السحرة آمنوا به ، وقيل : هم بنو إسرائيل وهو الأقرب.