ألقاه الشيطان على لسان النبي ثم أبطل (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً) أي ساعة موتهم أو القيامة فجأة (أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ) (٥٥) هو يوم بدر لا خير فيه للكفار كالريح العقيم التي لا تأتي بخير ، أو هو يوم القيامة لا ليل له (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ) أي يوم القيامة (لِلَّهِ) وحده وما تضمنه من الاستقرار ناصب للظروف (يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ) بين المؤمنين والكافرين بما بين بعده (فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) (٥٦) فضلا من الله (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) (٥٧) شديد بسبب كفرهم (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) أي طاعته من مكة إلى المدينة (ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقاً حَسَناً) هو رزق الجنة (وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (٥٨) أفضل المعطين (لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً) بضم الميم وفتحها أي إدخالا أو موضعا (يَرْضَوْنَهُ) وهو الجنة (وَإِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ) بنياتهم (حَلِيمٌ) (٥٩) عن عقابهم ، الأمر (ذلِكَ) الذي قصصناه عليك (وَمَنْ عاقَبَ) جازى من المؤمنين (بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ) ظلما من المشركين أي
____________________________________
بذلك إلى أن الضمير عائد على القرآن ، وقيل عائد على الرسول ، أي في شك من أمر الرسول من كونه صادقا أو لا. قوله : (بما ألقاه الشيطان على لسان النبي) هذا خلاف الصواب ، والصواب أن يقول بما ألقاه الشيطان في قلوب من أضلهم الله. قوله : (يَوْمٍ عَقِيمٍ) العقم في الأصل عدم الولادة ، فشبه اليوم الذي لا خير فيه بمرأة عقيم ، وطوى ذكر المشبه به ، ورمز له بشيء من لوازمه وهو العقم ، فإثباته تخييل ، والجامع عدم الثمرة في كل.
قوله : (يَوْمَئِذٍ) التنوين عوض عن جملة أي الملك يوم تأتيهم الساعة بغتة ، أو يأتيهم العذاب يوم القيامة لله ، ومعنى كونه لله ، عدم نسبة شيء في الملك لأحد سواه في ذلك اليوم. قوله : (ناصب للظرف) أي قوله : (يَوْمَئِذٍ). قوله : (يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ) جملة مستأنفة سيقت جوابا لسؤال مقدر تقديره ماذا يصنع بهم. قوله : (فضلا من الله) أي لا بسبب أعمالهم.
قوله : (وَالَّذِينَ هاجَرُوا) مبتدأ خبره (لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ) ، وخصهم بالذكر وإن كانوا داخلين في جملة المؤمنين تعظيما لشأنهم. قوله : (ثُمَّ قُتِلُوا) أي في الحروب ، وقوله : (أَوْ ماتُوا) أي على فراشهم من غير قتل. قوله : (هو رزق الجنة) أي التنعم فيها. قوله : (أفضل المعطين) أي فالمراد بالرزق الإعطاء ، وهو ينسب للخلق كما ينسب للخالق ، إلا أن نسبته للخالق حقيقة ، ولغيره مجاز. قوله : (لَيُدْخِلَنَّهُمْ) الخ ، إما مستأنف أو بدل من قوله ليرزقنهم. قوله : (بضم الميم وفتحها) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (حَلِيمٌ) أي فلا يعجل بالعقوبة على من عصاه ، بل يمهله ليتوب فيستحق الجنة. قوله : (ذلِكَ) (الذي قصصناه عليك) أي من وعد المؤمنين ووعيد الكافرين ، واسم الإشارة خبر لمحذوف تقديره الأمر الذي قصصناه عليك ، أي لا تغيير فيه ولا تبديل ، فهي كلمة يؤتى بها للانتقال من كلام إلى آخر.
قوله : (وَمَنْ عاقَبَ) العقاب مأخوذ من التعاقب ، وهو مجيء الشيء بعد غيره ، وحينئذ فقوله :