نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) (٣٩) هم (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍ) في الإخراج ما أخرجوا (إِلَّا أَنْ يَقُولُوا) أي بقولهم (رَبُّنَا اللهُ) وحده وهذا القول حق فالإخراج به إخراج بغير حق (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ) بدل بعض من الناس (بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ) بالتشديد للتكثير والتخفيف (صَوامِعُ) للرهبان (وَبِيَعٌ) كنائس للنصارى (وَصَلَواتٌ) كنائس لليهود بالعبرانية (وَمَساجِدُ) للمسلمين (يُذْكَرُ فِيهَا) أي في المواضع المذكورة (اسْمُ اللهِ كَثِيراً) وتنقطع العبادات بخرابها (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ) أي ينصر دينه (إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌ) على خلقه (عَزِيزٌ) (٤٠) منيع في سلطانه وقدرته (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ) بنصرهم على عدوهم (أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ) جواب الشرط وهو وجوابه صلة
____________________________________
قوله : (إِلَّا أَنْ يَقُولُوا) استثناء مفرغ من محذوف ، قدره المفسر بقوله : (ما أخرجوا) وهو متصل ، والمعنى لم يكن لهم سبب في إخراجهم ، إلا تعصب المشركين عليهم من أجل مخالفتهم في الدين. إن قلت : إن سبب خروجهم أمر الله لنبيه. أجيب : بأن سبب الخروج باطنا ، أمر الله لهم بالخروج ، وظاهرا تعصب المشركين عليهم ، ولا يصح استثناؤه من المذكور ، لأنه يصير المعنى : الذين أخرجوا من ديارهم إلا أن يقولوا ربنا الله ، وهو لا يصح.
قوله : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ لَوْ لا) حرف امتناع لوجود ، و (دَفْعُ) مبتدأ ، والخبر محذوف ، والتقدير موجود ، وإضافة (دَفْعُ) لما بعده من إضافة المصدر لفاعله. وقوله : (بَعْضَهُمْ) أي للكافرين ، وقوله : (بِبَعْضٍ) أي المؤمنين ، والمعنى لو لا دفع الله الكافرين بالمؤمنين موجود ، لهدم في زمن موسى الكنائس التي كانوا يصلون فيها في شرعه ، وفي زمن عيسى الصوامع والبيع ، وفي زمن نبينا المساجد ، وهذا الدفع حين كانوا على الحق قبل التحريف والنسخ ، وأما من يوم بعث الله محمدا صلىاللهعليهوسلم ، فقد بطل كل دين يخالف دينه ، قال تعالى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) فالمعنى : لو لا عز الإسلام وقوة شوكته ، ما عبد الله في أي زمن. قوله : (بالتشديد للتكثير) باعتبار المواضع. قوله : (وبالتخفيف) أي فهما قراءتان سبعيتان.
قوله : (صَوامِعُ) جمع صومعة وهي المحل المرتفع البناء في الأماكن الخلية. قوله : (للرهبان) أي وقيل للصابئين. قوله : (وَصَلَواتٌ) جمع صلاة ، سميت الكنائس بذلك لأنه يصلى فيها ، وقيل هي كلمة معربة ، أصلها بالعبرانية صلوثا ، بفتح الصاد والثاء المثلثة والقصر ، ومعناه في لغتهم المصلى. قوله : (أي ينصر الله دينه) ، أي وأولياءه ، ومعنى نصره تعالى ، هو أن يظفر أولياءه بأعدائه ، ومعنى نصر العبيد لربهم ، هو تجلدهم بالقتال لأعداء الله ، أو بإيضاح الأدلة والحجج على أعداء الله كالعلماء. قوله : (منيع في سلطانه) المناسب أن يقول غالب على أمره ، وقد أنجز الله وعده ، بأن أذل الكفار ، وأعز المسلمين ، فأورثهم أرضهم وديارهم.
قوله : (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ) الخ ، يجوز في هذا الموصول ما جاز في الذي قبله. قوله : (جواب الشرط) أي قوله : (أَقامُوا) وما عطف عليه. قوله : (وهو وجوابه) أي الشرط وفعله وجوابه.