ظالِمِينَ) (٩٧) أنفسنا بتكذيبنا للرسل (إِنَّكُمْ) يا أهل مكة (وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) أى غيره من الأوثان (حَصَبُ جَهَنَّمَ) وقودها (أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ) (٩٨) داخلون فيها (لَوْ كانَ هؤُلاءِ) الأوثان (آلِهَةً) كما زعمتم (ما وَرَدُوها) دخلوها (وَكُلٌ) من العابدين والمعبودين (فِيها خالِدُونَ) (٩٩) (لَهُمْ) للعابدين (فِيها زَفِيرٌ وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ) (١٠٠) شيئا لشدة غليانها ونزل لما قال ابن الزبعرى : عبد عزير والمسيح والملائكة فهم في النار على مقتضى ما تقدم (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا) المنزلة (الْحُسْنى) ومنهم من ذكر (أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) (١٠١) (لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها) صوتها (وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ) من النعيم (خالِدُونَ) (١٠٢) (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ) وهو أن يؤمر بالعبد إلى النار (وَتَتَلَقَّاهُمُ) تستقبلهم (الْمَلائِكَةُ) عند خروجهم من القبور
____________________________________
وستون صنما ، فعرض له النضر بن الحرث ، فكلمه رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى أفحمه ، ثم تلا عليه : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) الآيات الثلاث ، ثم قام فأقبل ابن الزبعرى ، وهو بكسر الزاي وفتح الباء وسكون العين وفتح الراء مقصورا ، وقد أسلم بعد ذلك ، فأخبره الوليد بن المغيرة بما قاله رسول الله لهم ، فقال : أما والله لو وجدته لخصمته ، فدعوا رسول الله ، فقال له ابن الزبعرى : أنت قلت (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ)؟ قال : نعم ، قال : أليست اليهود تعبد عزيرا ، والنصارى تعبد المسيح ، وبنو مدلج يعبدون الملائكة؟ فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : بل هم يعبدون الشيطان ، فنزلت هذه الآية ردا عليه. قوله : (المنزلة) (الْحُسْنى) أي الدرجة والرتبة الحسنى ، أو المراد الكلمة الحسنى وهي لا إله إلا الله ، أو المراد السعادة الأبدية. قوله : (ومنهم من ذكر) أي العزير وعيسى والملائكة ، والمعنى أن كل من سبقت له الحسنى ، سواء عبد أو لا فهو مبعد عن النار.
قوله : (أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) أي عن جهنم. إن قلت : كيف ذلك مع قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) والورود يقتضي القرب منها؟ أجيب : بأن المراد مبعدون عن عذابها وألمها ، فإن المؤمنين إذا مروا على النار تخمد وتقول جز يا مؤمن ، فإن نورك قد أطفأ لهبي ، وهذا لا ينافي الورود. قوله : (لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها) أي حركة تلهبها ، وفي هذا تأكيد بعدهم عنها.
قوله : (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ) هذا بيان لنجاتهم من الفزع إثر بيان نجاتهم من النار. قوله : (وهو أن يؤمر بالعبد إلى النار) أي الكافر ، وقيل : هو حين تغلق النار على أهلها وييأسون من الخروج ، وقيل : هو حين يذبح الموت بين الجنة والنار وينادي يا أهل النار خلود بلا موت ، وقيل : هو جميع أهوال القيامة. قوله : (عند خروجهم من القبور) أي تستقبلهم بالبشرى والسرور عند ذلك ، وقيل تستقبلهم على أبواب الجنة ، ولا مانع أنها تستقبلهم في الحالين. قوله : (اسم ملك) أي في السماء الثالثة ، وعلى هذا فالمصدر مضاف لقائله ، فإن هذا الملك يطوي كتب الأعمال إذا رفعت إليه. قوله : (واللام زائدة) أي والكتاب مفعوله. قوله : (أو السجل الصحيفة) أي والمعنى كطي الصحف على مكتوبها ، وعليه فهو من إضافة المصدر لمفعوله ، والفاعل محذوف تقديره كما يطوي الرجل الصحيفة على ما فيها. قوله : (وفي قراءة) أي سبعية أيضا. قوله : (جمعا) أي وأما على قراءة الإفراد ، فأل للجنس. قوله : (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ