تَرْضى) (١٣٠) بما تعطى من الثواب (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً) أصنافا (مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا) زينتها وبهجتها (لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ) بأن يطغوا (وَرِزْقُ رَبِّكَ) في الجنة (خَيْرٌ) مما أوتوه في الدنيا (وَأَبْقى) (١٣١) أدوم (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ) اصبر (عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ) نكلفك (رِزْقاً) لنفسك ولا لغيرك (نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ) الجنة (لِلتَّقْوى) (١٣٢) لأهلها (وَقالُوا) أي المشركون (لَوْ لا) هلا (يَأْتِينا) محمد (بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ) مما يقترحونه (أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ) بالتاء والياء (بَيِّنَةُ) بيان (ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى) (١٣٣) المشتمل عليه القرآن من أنباء الأمم الماضية وإهلاكهم بتكذيب الرسل (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ) قبل محمد الرسول (لَقالُوا) يوم
____________________________________
وأفضل الخلق أجمعين حيث قال له ربه (لَعَلَّكَ تَرْضى) ولم يقل لعلي أرضى عليك ونحو ذلك ، ومن هنا قوله عليه الصلاة والسّلام : «وجعلت قرة عيني في الصلاة» ، وقول السيدة عائشة رضي الله عنها : ما أرى ربك إلا يسارع في هواك ، فصلاته صلىاللهعليهوسلم مأمور بها ليرضى هو ، لا ليكفر الله عنه سيئاته ، ولا ليرضى عليه ، وحينئذ فلا كلفة عليه فيها ، لأن فيها شهوده لربه الذي هو قرة عينه ، وللعارفين الكاملين من أمته ، نصيب من هذا المقام.
قوله : (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ) عطف على (فَاصْبِرْ) أي لا تنظر بعينيك إلى زهرة الدنيا نظر رغبة ، وهذا الخطاب لرسول الله والمراد غيره ، لأن ذلك مستحيل عليه ، لما ورد : أنه خير بين أن يكون نبيا ملكا ، أو نبيا عبدا ، فاختار أن يكون نبيا عبدا ، وورد «لست من الدنيا ، وليست الدنيا مني». قوله : (أصنافا) (مِنْهُمْ) أي الخلق ، فالدنيا دائرة في أصناف الخلق ، فتارة تكون مع الشريف ، وتارة مع الوضيع ، وهكذا. قوله : (زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا) الأحسن أنه منصوب على أنه مفعول ثان لمتعنا ، بتضمينه معنى أعطينا ، والأول هو قوله : (أَزْواجاً). قوله : (بأن يطغوا) الباء سببية ، أي نفتنهم بسبب طغيانهم فيه. قوله : (وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى) أي فعلى الإنسان أن يشتغل بما هو خير وأبقى ، وهو الجنة ونعيمها ، ويترك ما يفنى وهو الدنيا ، وقسمته الأزلية تأتيه منها من غير تعب ولا مشقة.
قوله : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ) أي أمتك. قوله : (وَاصْطَبِرْ عَلَيْها) أي وأمرهم بذلك. قوله : (نَحْنُ نَرْزُقُكَ) أي نحن متكفلون برزقك ، فتفرغ لما كلفت به ، ولا تشتغل بما تكفلنا لك به ، وروي أنه صلىاللهعليهوسلم كان إذا أصاب أهل بيته ضيق ، أمرهم بالصلاة وتلا هذه الآية. قوله : (وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى) أي الجميلة المحمودة لأهل التقوى. قوله : (أي المشركون) أي وهم كفار مكة. قوله : (مما يقترحونه) أي يطلبونه هنا كما تقدم في قوله تعالى : (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) الآيات.
قوله : أولم تأتيهم الهمزة داخلة على محذوف ، والواو عاطفة على ذلك المحذوف ، أي أعموا ولم تأتهم الخ. قوله : (بالتاء والياء) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى) أي الكتب المتقدمة ، والمعنى ألم يكتفوا بالقرآن المحتوي على أخبار الأمم الماضية. قوله : (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ) كلام