مانع منه (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) لعبرا (لِأُولِي النُّهى) (١٢٨) لذوي العقول (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) بتأخير العذاب عنهم إلى الآخرة (لَكانَ) الإهلاك (لِزاماً) لازما لهم في الدنيا (وَأَجَلٌ مُسَمًّى) (١٢٩) مضروب لهم معطوف على الضمير المستتر في كان وقام الفصل بخبرها مقام التأكيد (فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) منسوخ بآية القتال (وَسَبِّحْ) صلّ (بِحَمْدِ رَبِّكَ) حال أي ملتبسا به (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) صلاة الصبح (وَقَبْلَ غُرُوبِها) صلاة العصر (وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ) ساعاته (فَسَبِّحْ) صلّ المغرب والعشاء (وَأَطْرافَ النَّهارِ) عطف على محل من آناء المنصوب أي صل الظهر لأن وقتها يدخل بزوال الشمس فهو طرف النصف الأول وطرف النصف الثاني (لَعَلَّكَ
____________________________________
قوله : (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً) أي إن الله سبحانه وتعالى سبق في علمه تأخير العذاب العام لهذه الأمة ، إكراما لنبيها ، ولو لا ذلك ، لحل بهم كما حل بمن قبلهم من القرون الماضية ، فتأخيره إمهال لا إهمال ، ليتدارك الكافر ما فاته بما بقي من عمره ، فإن تاب قبله ربه. قوله : (معطوف على الضمير المستتر في كان) أي والمعنى لكان الإهلاك والأجل المعين له لزاما ، أي لازما لهم ، ولم يقل لازمين ، لأن لزاما مصدر في الأصل ؛ وإن كان هنا بمعنى اسم الفاعل ، وقوله : (وقام الفصل) الخ ، أي أن العطف على ضمير الرفع المتصل جائز إذا حصل الفاصل بالضمير المنفصل ، أو فاصل ما كما هنا ، قال ابن مالك :
وإن على ضمير رفع متّصل |
|
عطفت فافصل بالضّمير المنفصل |
أو فاصل ما. وأحسن ما قرره المفسر أن يجعل قوله : (وَأَجَلٌ مُسَمًّى) معطوفا على (كَلِمَةٌ) والمعنى : ولو لا كلمة وأجل مسمى ، وهو مدة معيشتهم في الدنيا التي قدرها الله لهم ، لكان العذاب العام لازما. قوله : (فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) أي حيث علمت أن تأخير عذابهم ليس بإهمال ، بل هو لازم لهم في القيامة ، فتسل واصبر ولا تنزعج. قوله : (منسوخ بآية القتال) أي وعليه فالمراد بقوله اصبر لا تعاجلهم بالقتال ، وقيل إن الآية محكمة ، وعليه فالمراد بالصبر عدم الاضطراب مما صدر منهم من الأذية. قوله : (صلّ) إنما سمى التسبيح والتحميد صلاة لاشتمالها عليهما ، ولأن المقصود من الصلاة تنزيه الله عن كل نقص. والمعنى لا تشتغل بالدعاء عليهم ، بل صلّ الصلوات الخمس ، ولما كان الأصل في الأمر الوجوب حمل الأمر بالتسبيح والتحميد على الأمر بالصلاة. قوله : (حال) أي من فاعل (سَبِّحْ) والباء في (بِحَمْدِ رَبِّكَ) للملابسة كما قال المفسر.
قوله : (وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ) جمع إنى بكسر الهمزة والقصر كمعى ، وأصله أأناه بهمزتين ، أبدلت الثانية ألفا على القاعدة المعروفة. قوله : (وَأَطْرافَ النَّهارِ) المراد بالجمع ما فوق الواحد ، لأن المراد به الزمن الذي هو آخر النصف الأول وأول الثاني. قوله : (المنصوب) أي بسبح. والمعنى صلّ في أطراف النهار ، وهو الوقت الذي يجمع الطرفين وهو الزوال. قوله : (لَعَلَّكَ تَرْضى) متعلق بسبح ، أي سبح في هذه الأوقات لعلك ترضى بذلك ، وانظر إلى هذا الخطاب اللطيف المشعر بأنه صلىاللهعليهوسلم حبيب رب العالمين