عاكِفِينَ) على عبادته مقيمين (حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى) (٩١) (قالَ) موسى بعد رجوعه (يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا) (٩٢) بعبادته (أَلَّا تَتَّبِعَنِ) لا زائدة (أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي) (٩٣) بإقامتك بين من يعبد غير الله تعالى (قالَ) هارون (يَا بْنَ أُمَ) بكسر الميم وفتحها أراد أمي وذكرها أعطف لقلبه (لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي) وكان أخذها بشماله (وَلا بِرَأْسِي) وكان أخذ شعره بيمينه غضبا (إِنِّي خَشِيتُ) لو اتبعتك ولا بد أن يتبعني جمع ممن لم يعبد العجل (أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ) وتغضب علي (وَلَمْ تَرْقُبْ) تنتظر (قَوْلِي) (٩٤) فيما رأيته في ذلك (قالَ فَما خَطْبُكَ) شأنك الداعي إلى ما صنعت (يا سامِرِيُ) (٩٥) (قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ) بالياء والتاء أي علمت ما لم يعلموه (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ) تراب (أَثَرِ) حافر فرس (الرَّسُولِ) جبريل (فَنَبَذْتُها) ألقيتها في صورة العجل المصاغ (وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ) زينت (لِي نَفْسِي) (٩٦) وألقي فيها أن آخذ قبضة من تراب ما ذكر وألقيها على ما لا روح له يصير له روح ورأيت قومك طلبوا منك أن تجعل لهم إلها فحدثتني نفسي أن يكون ذلك العجل إلههم (قالَ) له موسى (فَاذْهَبْ) من
____________________________________
رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ) إنما ذكر هذا الاسم ، تنبيها على أنهم متى تابوا قبل الله توبتهم ، لأنه هو الرحمن. قوله : (حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى) غاية لعكوفهم بطريق التعلل والتسويف ، لا بطريق الوعد وترك عبادته عند رجوعه. قوله : (إِذْ رَأَيْتَهُمْ) ظرف منصوب بمنعك. والمعنى أي شيء منعك وقت رؤيتك ضلالهم. قوله : (لا زائدة) أي للتأكيد. والمعنى ما منعك من اتباعي في الغضب لله ، والمقاتلة لمن كفر. قوله : (بإقامتك بين من يعبد غير الله) أي ولم يبالغ في منعهم والإنكار عليهم. قوله : (بكسر الميم) أي فحذفت الياء وبقيت الكسرة دالة عليها ، وقوله : (وفتحها) أي فحذفت الألف المنقلبة عن الياء ، وبقيت الفتحة دالة عليها ، والقراءتان سبعيتان. قوله : (أعطف لقلبه) أي لا لكونه أخاه من أمه فقط ، فإن الحق أنه شقيقه. قوله : (وكان أخذ شعره) أي الرأس.
قوله : (وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) معطوف على (أَنْ تَقُولَ) أي وخشيت عدم ترقبك ، أي انتظارك وتأملك في قولي حتى تفهم عذري ، فالياء في (قَوْلِي) واقعة على هارون ، هذا هو المتبادر من عبارة المفسر ، وقيل إنه معطوف على (فَرَّقْتَ) أي وخشيت أن تقول لم ترقب قولي ، أي تحفظه وتعمل به ، فعليه الياء واقعة على موسى. قوله : (قالَ بَصُرْتُ) بضم الصاد في قراءة العامة من باب ظرف ، وقرىء بكسرها من باب تعب. قوله : (بالياء) أي بنو إسرائيل وقوله : (والتاء) أي أنت وقومك ، والقراءتان سبعيتان. قوله : (مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ) أي وعرفه لسابق الألفة ، فلما جاء جبريل ليطلب موسى إلى الميقات لأخذ التوراة ، كان راكبا على فرس ، كلما وضعت حافرها على شيء أخضر ، فعرف السامري أن للتراب الذي تضع الفرس حافرها عليه شأنا. قوله : (في صورة العجل) أي في فمه. قوله : (المصاغ) صوابه المصوغ كما في بعض النسخ. قوله : (طلبوا منك) أي حين جاوزوا البحر كما قال تعالى : (وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ) الآية.