بيننا (فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ) أي مدة حياتك (أَنْ تَقُولَ) لمن رأيته (لا مِساسَ) أي لا تقربني فكان يهيم في البرية وإذا مس أحدا أو مسه أحد حمّا جميعا (وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً) لعذابك (لَنْ تُخْلَفَهُ) بكسر اللام أي لن تغيب عنه وبفتحها أي بل تبعث إليه (وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ) أصله ظللت بلامين أولاهما مكسورة حذفت تخفيفا أي دمت (عَلَيْهِ عاكِفاً) أي مقيما تعبده (لَنُحَرِّقَنَّهُ) بالنار (ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً) (٩٧) نذرينه في هواء البحر ، وفعل موسى بعد ذبحه ما ذكره (إِنَّما إِلهُكُمُ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) (٩٨) تمييز محول عن الفاعل أي وسع علمه كل شيء (كَذلِكَ) أي كما قصننا عليك يا محمد هذه القصة (نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ) أخبار (ما قَدْ سَبَقَ) من الأمم (وَقَدْ آتَيْناكَ) أعطيناك (مِنْ لَدُنَّا) من عندنا (ذِكْراً) (٩٩) قرآنا (مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ) فلم يؤمن به (فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً) (١٠٠) حملا ثقيلا من الإثم
____________________________________
قوله : (فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ) إن حرف توكيد ونصب ، والجار والمجرور خبرها مقدم ، و (أَنْ تَقُولَ) في محل نصب اسمها مؤخر. والمعنى أن هذا القول ثابت لك ما دمت حيا ، لا ينفك عنك ، فكان يصيح في البرية لا مساس ، وحرم موسى عليهم مكالمته ومواجهته ومبايعته ، ويقال إن قومه باقية فيهم تلك الحالة إلى الآن ، وهذه الآية أصل في نفي أهل البدع والمعاصي وهجرانهم وعدم مخالطتهم. قوله : (فكان يهيم في البرية) أي مع السباع والوحوش ، يقال إن موسى هم بقتله ، فقال الله له : لا تقتله فإنه سخي. قوله : (وبفتحها) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِ) أي فلا يبقى له عين ولا أثر. قوله : (بعد ذبحه) أي ولما ذبحه سال منه الدم.
قوله : (إِنَّما إِلهُكُمُ اللهُ) الخ ، كلام مستأنف لتحقيق الحق وإبطال الباطل ، وهذا آخر قصة موسى المذكورة في هذه السورة. قوله : (كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ) جملة مستأنفة ، ذكرت تسلية له صلىاللهعليهوسلم وتكثيرا لمعجزاته ، وزيادة في علم أمته ، ليعرفوا أحباب الله فيحبونهم ، وأعداء الله فيبغضونهم ليزدادوا رفعة وشأنا ، حيث اطلعوا على سير الأوائل. قوله : (أي كما قصصنا عليك) أشار بذلك إلى أن الكاف نعت لمصدر محذوف ، تقديره كقصصنا هذا الخبر الغريب نقص عليك الخ. قوله : (هذه القصة) أل للجنس لأن المتقدم ثلاث قصص ، قصة موسى مع فرعون ، ومع بني إسرائيل ، ومع السامري. قوله : (ذِكْراً) سمي بذلك لتذكيره النعم والدار الآخرة.
قوله : (مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ) هذه الجملة في محل نصب صفة لذكرا. قوله : (فلم يؤمن به) أشار بذلك إلى أن المراد بالإعراض عنه الكفر به ، وإنكار كونه من عند الله ، كلا أو بعضا. قوله : (من الإثم) بيان للحمل الثقيل. قوله : (خالِدِينَ فِيهِ) الجملة في محل نصب على الحال من الضمير في يحمل العائد على من باعتبار معناها ، والتقدير يحملون الوزر حال كونهم مخلدين فيه. قوله : (أي في الوزر) أي عقابه ، فالكلام على حذف مضاف.