شهادة أن لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله (وَقالُوا) أي اليهود والنصارى ومن زعم أن الملائكة بنات الله (اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً) (٨٨) قال تعالى لهم (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا) (٨٩) أي منكرا عظيما (تَكادُ) بالتاء والياء (السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ) بالنون وفي قراءة بالتاء وتشديد الطاء بالانشقاق (مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا) (٩٠) أي تنطبق عليهم من أجل (أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً) (٩١) قال تعالى (وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً) (٩٢) أي ما يليق به ذلك (إِنْ) أي ما (كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً) (٩٣) ذليلا خاضعا يوم القيامة منهم عزير وعيسى (لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا) (٩٤) فلا يخفى عليه مبلغ جميعهم ولا واحد منهم (وَكُلُّهُمْ
____________________________________
الكفار. قوله : (وِرْداً) أي مشاة عطاشا ، قد تقطعت أعناقهم من العطش ، ومع ذلك يحملون أوزارهم على ظهورهم ، لما ورد : أن المؤمن إذا خرج من قبره ، استقبله عمله في أحسن صورة وأطيب ريح ، فيقول : هل تعرفني؟ فيقول : لا ، فيقول : أنا عملك الصالح ، طالما ركبتك واتبعتك في الدنيا ، اركبني اليوم ، وإن الكافر يستقبله عمله في أقبح صورة وأنتنها ريحا ، فيقول : هل تعرفني؟ فيقول : لا ، فيقول : أنا عملك السيىء ، طالما ركبتني واتعبتني في الدنيا ، وأنا اليوم أركبك ، قال تعالى : (وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ).
قوله : (لا يَمْلِكُونَ) أي الخلق عموما ، مؤمنهم وكافرهم ، وقوله : (الشَّفاعَةَ) أي كونه يشفع لغيره أو يشفع غيره فيه. قوله : (إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ) مستثنى من العموم المتقدم وهو متصل. قوله : (عِنْدَ الرَّحْمنِ) كرر لفظ الرحمن في هذه السورة ست عشرة مرة ، إشارة إلى أن رحمته غلبت غضبه. قوله : (اي شهادة أن لا إله إلا الله) أي مع عديلتها ، وهي محمد رسول الله. قوله : (ولا حول ولا قوة إلا بالله) في رواية ، والتبري من الحول والقوة لله وعدم رجاء غيره. قوله : (ومن زعم أن الملائكة بنات الله) أي وهم مشركو العرب ، وهذا رجوع لذكر قبائح الكفار ، وإثر بيان عاقبتهم وعاقبة المؤمنين. قوله : (قال تعالى) أي تقريعا وتوبيخا. قوله : (منكرا عظيما) أي فظيعا شديدا.
قوله : (تَكادُ السَّماواتُ) الخ بيان لكون ذلك الشيء منكرا عظيما. قوله : (يَتَفَطَّرْنَ) أي يتفتتن ويتقطعن. قوله : (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضا ، وظاهره أن القراآت أربع وليس كذلك ، بل هي ثلاث فقط ، لأن في قراءة التاء من تكاد وجهين : التاء والنون من يتفطرن ، وفي قراءة الياء وجها واحدا وهو التاء من يتفطرن ، والثلاث سبعيات. قوله : (وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ) أي تنخسف بهم. قوله : (من أجل) (أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً) المعنى أن هذه المقالة منهم ، موجبة للغضب عليهم ، الذي ينشأ عنه نزول السماء قطعا قطعا عليهم ، وخسف الأرض بهم ، وسقوط الجبال عليهم ، لو لا حلمه وسبق رحمته ، أو المعنى : أن هذه المقالة من عظمها وشناعتها تفزع منها السماوات والأرض والجبال ، وتتمنى أنها لو أهلكت من تفوه بها ، لو لا رحمة الله. قوله : (قال تعالى) أي ردا عليهم.
قوله : (وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ) أي لا يليق به ذلك ولا يتأتى ، لاستحالته عليه عقلا ونقلا ، لأن الولد علامة الضعف والحدوث. قوله : (لَقَدْ أَحْصاهُمْ) أي أحاط بهم علمه. قوله : (وَعَدَّهُمْ عَدًّا)