عِزًّا) (٨١) شفعاء عند الله بأن لا يعذبوا (كَلَّا) أي لا مانع من عذابهم (سَيَكْفُرُونَ) أي الآلهة (بِعِبادَتِهِمْ) أي ينفونها كما في آية أخرى (ما كانوا إيانا يعبدون) (وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا) (٨٢) أعوانا وأعداء (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ) سلطناهم (عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ) تهيجهم إلى المعاصي (أَزًّا) (٨٣) (فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ) بطلب العذاب (إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ) الأيام والليالي أو الأنفاس (عَدًّا) (٨٤) إلى وقت عذابهم ، اذكر (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ) بإيمانهم (إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً) (٨٥) جمع وافد بمعنى راكب (وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ) بكفرهم (إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً) (٨٦) جمع وارد بمعنى ماش عطشان (لا يَمْلِكُونَ) أي الناس (الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) (٨٧) أي
____________________________________
قوله : (سَيَكْفُرُونَ) الخ في معنى التعليل. قوله : (ضِدًّا) أي أضدادا ، وإنما أفرده ، إما لكونه مصدرا في الأصل ، أو لأنه مفرد في معنى الجمع. قوله : (عَلَى الْكافِرِينَ) أي وأما المؤمنون فليس للشياطين عليهم سبيل ، قال تعالى : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ). قوله : (تهيجهم إلى المعاصي) أي تغريهم بتزيين الشهوات لهم. قوله : (أَزًّا) مفعول مطلق لتؤزهم ، والأز يطلق على الغليان ، وعلى الحركة الشديدة ، وعلى التهيج والإزعاج وهو المراد هنا.
قوله : (فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ) أي لتستريح أنت والمؤمنون من شرهم ، وتطهر الأرض من فسادهم ، لأن لهم أياما محصورة وأنفاسا معدودة ، يعيشونها ثم يردون إلى عذاب. قوله : (إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا) أي نضبط ما يقع منهم ، ولا نهمل منه شيئا ليؤاخذوا به. قوله : (أو الأنفاس) تفسير ثان قوله : (إلى وقت عذابهم) أي وهو موتهم ، لأن بموتهم تصير قبورهم حفرة من حفر النار ، فيعذبون فيها إلى قيام الساعة ، فيعذبون في النار.
قوله : (يَوْمَ نَحْشُرُ) ظرف معمول لمحذوف ، قدره المفسر بقوله : (اذكر) أي اذكر يا محمد لقومك هذا اليوم العظيم ، فإنه يوم الفصل بين أهل الجنة وأهل النار. قوله : (بمعنى راكب) هذا المعنى ليس مأخوذا من معنى الوفد لأن الوفد في اللغة الجماعة الذين يقدمون على الملوك للعطايا ، من غير تقييد بركوب ؛ بل هو مأخوذ من قرينة مدح المتقي ، لما ورد أنهم يحشرون ركبانا ، على نجائب سرجها من ياقوت ، وعلى نوق رحالها من ذهب ، وأزمّتها من زبرجد ، واختلف في وقت ركوبهم ، فقيل من أول خروجهم من القبور ، وقيل من منصرفهم من الموقف ، وعلى كل ، فيستمرون راكبين حتى يقرعوا باب الجنة ، وجمع بأنهم يركبون من أول خروجهم من القبور حتى يأتوا الموقف ، ثم بعد انفضاض الموقف ، يركبون حتى يدخلوا الجنة ، وعن ابن عباس : من كان يحب ركوب الخيل ، وفد إلى الله تعالى على خيل لا تروث ولا تبول ، لجمها من الياقوت الأحمر ، ومن الزبرجد الأخضر ، ومن الدر الأبيض ، وسرجها السندس والاستبرق ، ومن كان يحب ركوب الإبل فعلى نجائب ، لا تبعر ولا تبول ، أزمتها من الياقوت والزبرجد ، ومن كان يحب ركوب السفن ، فعلى سفن من زبرجد وياقوت ، قد أمنوا الغرق ، وأمنوا الأهوال ، وورد أيضا : يحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق : راغبين وراهبين ، واثنان على بعير ، وثلاثة على بعير ، وأربعة على بعير ، وعشرة على بعير. قوله : (بكفرهم) أشار بذلك إلى أن المراد بالمجرمين