آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً) (٩٥) بلا مال ولا نصير يمنعه (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) (٩٦) فيما بينهم يتوادون ويتحابون ويحبهم الله تعالى (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ) أي القرآن (بِلِسانِكَ) العربي (لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ) الفائزين بالإيمان (وَتُنْذِرَ) بخوف (بِهِ قَوْماً لُدًّا) (٩٧) جمع ألد أي جدل بالباطل وهم كفار مكة (وَكَمْ) أي كثيرا (أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ) أي أمة من الأمم الماضية بتكذيبهم الرسل (هَلْ تُحِسُ) تجد (مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً) (٩٨) صوتا خفيا؟ لا ؛ فكما أهلكنا أولئك نهلك هؤلاء.
____________________________________
أي عد أشخاصهم وأنفاسهم وأفعالهم ، فلا يخفى عليه شيء من أمورهم. قوله : (مبلغ جميعهم) راجع لقوله : (وَعَدَّهُمْ) وقوله : (ولا واحد منهم) راجع لقوله : (أَحْصاهُمْ) فكأنه قال : أحاط بهم علمه جمعا وفرادى. قوله : (فَرْداً) أي منفردا.
قوله : (سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) أي في الدنيا والآخرة ، والتنوين للتعظيم ، أي ودا عظيما ، فكلما عظمت طاعاتهم ، عظم ودهم لربهم ولأحبابه ، وعبر بالرحمن لعظم تلك النعمة ، فإن المحبة رأس الإيمان وأساسه ، لما في الحديث : «ألا لا إيمان لمن لا محبة له ، فمن أعطي المحبة لله ولأحبابه ، فقد أعطي خير الدنيا والآخرة» ، لأن المحبة حكمه إيجاد الخلق ، لما في الحديث القدسي «فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق فبي عرفوني» وبالجملة فالمحبة أمرها عظيم ، ولذا كان تنافس العارفين فيها ، فكل من عظمت معرفته ، ازداد محبة وشغفا ، وعبر بأداء الاستقبال ، لأن المؤمنين كانوا بمكة في مبدأ الإسلام مفرقين ، فوعد الله رسوله ، بأن يؤلف بين قلوب المؤمنين ، ويضع فيها المحبة ، فهذه الآية نزلت في مبدإ الإسلام تسلية له صلىاللهعليهوسلم ، و (وُدًّا) بضم الواو للسبعة ، وقرىء بفتحها وكسرها فهو مثلث.
قوله : (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ) أي أنزلناه ميسرا. قوله : (العربي) أي فالمراد باللسان اللغة العربية. قوله : (جمع ألد) أي شديد الخصومة. قوله : (وَكَمْ أَهْلَكْنا) الخ ، تخويف لهم وتسلية له صلىاللهعليهوسلم. قوله : (هَلْ تُحِسُ) بضم التاء وكسر الحاء من أحس رباعيا ، والاستفهام إنكاري ، كما أشار له بقوله : (لا) ، وقرىء شذوذا بفتح التاء وضم الحاء أو كسرها. قوله : (مِنْهُمْ) حال من (أَحَدٍ) لأنه نعت نكرة قدم عليها. قوله : (صوتا خفيا) أي والمعنى استأصلناهم بالهلاك جميعا ، حتى لا يرى منهم أحد ، ولا يسمع له صوت خفي.
* * *