(وَ) من ذرية (إِسْرائِيلَ) وهو يعقوب أي موسى وهرون وزكريا ويحيى وعيسى (وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا) أي من جملتهم وخبر أولئك (إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا) (٥٨) جمع ساجد وباك أي فكونوا مثلهم ، وأصل بكى بكوي قلبت الواو ياء والضمة كسرة (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ) بتركها كاليهود والنصارى (وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ) من المعاصي (فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) (٥٩) هو واد في جهنم أي يقعون فيه (إِلَّا) لكن (مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ) ينقصون (شَيْئاً) (٦٠) من ثوابهم (جَنَّاتِ عَدْنٍ) إقامة بدل من الجنة (الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ) حال أي غائبين عنها (إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ) أي موعوده (مَأْتِيًّا) (٦١) بمعنى آتيا وأصله مأتوي أو موعده هنا الجنة يأتيه أهله (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً) من الكلام (إِلَّا) لكن يسمعون (سَلاماً) (٦٢) من الملائكة عليهم أو من بعضهم على بعض (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) (٦٢) أي على قدرهما في الدنيا ، وليس في الجنة نهار ولا ليل بل ضوء ونور أبدا (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ) نعطي وننزل (مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا) (٦٣) بطاعته ،
____________________________________
قوله : (وَمِمَّنْ هَدَيْنا) عطف على (مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ) زيادة في تمجيدهم. قوله : (خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا) أي أن الأنبياء إذا سمعوا آيات الله التي خصهم بها في الكتب المنزلة عليهم ، سجدوا وبكوا خضوعا وخشوعا. قوله : (وباك) أي على غير قياس ، وقياسه بكاة كقاض وقضاة. قوله : (فكونوا مثلهم) أي في السجود والخشوع والخضوع والبكاء عند تلاوة القرآن كما في الحديث : «اتلوا القرآن وابكوا ، فإن لم تبكوا فتباكوا». قوله : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ) أي وجد من بعد النبيين. قوله : (خَلْفٌ) هو بالسكون في الشر ، وبالفتح في الخير ، يقال خلف سوء وخلف صدق. قوله : (هو واد في جهنم) أي تستعيذ من حره أوديتها.
قوله : (إِلَّا مَنْ تابَ) قدر المفسر لكن إشارة إلى أن الاستثناء منقطع ، لأن المستثنى المؤمنون والمستثنى منه الكفار. قوله : (بدل من الجنة) قال بعضهم : إنه بدل كل من بعض ، لأن الجنة بعض الجنات ، ورد بأن أل في الجنة جنسية ، فهو بدل كل من كل. قوله : (أي غائبين عنها) أي غير مشاهدين لها ، لأن الوعد حاصل في الدنيا ، ومن فيها لا يشاهد الجنة. قوله : (أي موعوده) أي الذي وعد به من الجنة وغيرها له. قوله : (بمعنى آتيا) أي فاسم المفعول بمعنى اسم الفاعل. قوله : (أو موعوده) الخ أشار لتفسير آخر ، وعليه فاسم المفعول باق على ما هو عليه ، وحينئذ فيكون المراد بالموعود خصوص الجنة. قوله : (لَغْواً) هو الكلام الزائد المستغنى عنه. قوله : (لكن يسمعون) (سَلاماً) أشار بذلك إلى أن الاستثناء منقطع ، لأن السّلام ليس من جنس اللغو. قوله : (وليس في الجنة نهار ولا ليل) وإنما يعرفون الليل ، بارخاء الحجب وغلق الأبواب ، والنهار بفتحها ورفع الحجب كما روي ، وليس معرفة الليل للاستراحة فيه والنوم ، إذ لا نوم ولا تعب فيها ، بل ذلك على عادة الملوك في الدنيا ، من تهيئة تحف في الصباح والمساء ليتم نظامهم.
قوله : (تِلْكَ الْجَنَّةُ) إسم الإشارة عائد على الجنة في قوله (فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً)