منها (أُولئِكَ) مبتدأ (الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ) صفة له (مِنَ النَّبِيِّينَ) بيان له وهو في معنى الصفة وما بعده إلى جملة الشرط صفة للنبيين ، فقوله (مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ) أي إدريس (وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ) في السفينة أي إبراهيم ابن ابنه سام (وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ) أي إسماعيل وإسحق ويعقوب
____________________________________
إدريس : إن لي إليك حاجة ، قال : وما هي؟ قال ترفعني إلى السماء ، لأنظر إليها وإلى الجنة والنار ، فأذن الله له فرفعه ، فلما قرب من النار قال : لي إليك حاجة ، قال : وما تريد؟ قال : تسأل مالكا حتى يفتح أبوابها ففعل ، فقال له : كما أريتني النار فأرني الجنة ، فذهب به إلى الجنة ، فاستفتح ففتح أبوابها ، فأدخله الجنة ، ثم قال له ملك الموت : اخرج لتعود إلى مقرك ، فتعلق بشجرة وقال : ما أخرج منها ، فبعث الله ملكا حكما بينهما ، فقال له الملك : ما لك لا تخرج؟ قال : لأن الله تعالى قال : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) وقد ذقته ، وقال : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) وقد وردتها ، وقال : (وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ) ولست أخرج ، فأوحى الله إلى ملك الموت ، بإذني دخل الجنة ، وبأمري لا يخرج منها ، فهو حي هناك ، وقيل سببه أنه نام ذات يوم ، فاشتد عليه حر الشمس فقال : اللهم خفف عن ملك الشمس وأعنه ، فإنه يمارس نارا حامية فأصبح ملك الشمس ، وقد نصب له كرسي من نور عنده سبعون ألف ملك عن يمينه ، ومثلها عن يساره ، يخدمونه ويتولون عمله من تحت حكمه ، فقال ملك الشمس : يا رب ، من أين لي هذا؟ قال : دعا لك رجل من بني آدم يقال له إدريس فقال : يا رب اجعل بيني وبينه خلة ، فأذن له في ذلك ، فصار يتردد على إدريس فقال له : إنك أكرم الملائكة عند ملك الموت ، فاشفع لي عنده ليؤخر أجلي فأزداد عبادة وشكرا ، فقال الملك : لا يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها ، فرفعه في مكانه ، ثم أتى ملك الموت فقال له : صديق من بني آدم ، يتشفع بي إليك لتؤخر أجله ، فقال : ليس ذلك إلي ، ولكن إن أحببت أعلمته متى يموت فيقدم لنفسه ، قال : نعم ، فنظر في ديوانه فقال : إنك كلمتني في إنسان يموت الساعة عند مطلع الشمس ، قال : إني أتيتك وتركته هناك ، فانطلق فوجده قد مات ثم أحياه الله ، فهو يرفع في الجنة تارة ، ويعبد الله مع الملائكة في السماء الرابعة تارة أخرى ، قال العلماء : أربعة من الأنبياء أحياء ، اثنان في الأرض وهما الخضر وإلياس ، واثنان في السماء وهما عيسى وإدريس.
قوله : (أُولئِكَ) اسم الإشارة عائد على الأنبياء المذكورين في هذه السورة وهم عشرة ، أولهم زكريا وآخرهم إدريس كما تقدم. قوله : (صفة له) أي لاسم الإشارة ، أي أولئك الموصوفون بإنعام الله عليهم ، وذلك أن الله لما وصف كلا من الأنبياء بأوصاف تخصه أولا ، ذكر ثانيا لهم صفة تعمهم. قوله : (بيان لهم) أي للمنعم عليهم. قوله : (أي إدريس) تفسير للذرية ، أي إن إدريس من ذرية آدم ، لأنه تقدم أنه ابن شيث بن آدم. قوله : (وَمِمَّنْ حَمَلْنا) أي ومن ذرية من حملنا. قوله : (أي إبراهيم) تفسير لبعض ذرية من حمل مع نوح ، لأن من حمل معه أولاده الثلاثة ، وإبراهيم من ذرية أحدهم وهو سام ، لكن بوسائط ، فإن بين إبراهيم ونوح عشرة قرون. قوله : (وعيسى) أي فأولاد البنات من الذرية ، والحاصل أن من ذرية آدم لصلبه إدريس ، ومن ذرية نوح بوسائط إبراهيم ومن ذريته إسماعيل وإسحاق ويعقوب ومن ذرية يعقوب موسى وهارون ويحيى وعيسى.