بيت المقدس وقلنا في الكتاب (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ) بعد المرة الثانية إن تبتم (وَإِنْ عُدْتُمْ) إلى الفساد (عُدْنا) إلى العقوبة وقد عادوا بتكذيب محمد صلىاللهعليهوسلم فسلط عليهم بقتل قريظة ونفي النضير وضرب الجزية عليهم (وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) (٨) محبسا وسجنا (إِنَّ هذَا
____________________________________
الصاد والراء المهملة اسم صنم وهو علم أعجمي مركب وسمي بذلك لأنه وجد وهو صغير مطروحا عند صنم ولم يعرف له أب فنسب إليه قيل إنه ملك الأقاليم كلها ، قيل المسلط عليهم في المرة الثانية خردوش ملك من ملوك بابل وسيأتي في السيرة. قوله : (ألوفا) أي نحو الأربعين. قوله : (وسبى ذريتهم) أي نحو السبعين ألفا. قوله : (وقلنا في الكتاب) أي التوراة. قوله : (وضرب الجزية عليهم) أي على باقيهم كأهل خيبر. قوله : (وسجنا) تفسير فيكون معنى حصيرا محلا حاصرا لهم وقيل حصيرا فرشا كالحصير فيكون بمعنى قوله تعالى (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ). ـ تتمة ـ يذكر فيها تلخيص القصة التي ذكرها المفسرون في هذه الآيات ، قال محمد بن إسحاق : كانت بنو إسرائيل فيهم الأحداث والذنوب ، وكان الله متجاوزا عنهم ومحسنا إليهم ، وكان أول ما نزل بهم ، أن ملكا منهم كان يدعى صديقة ، وكان الله إذا ملك عليهم الملك ، بعث معه نبيا يسدده ويرشده ويتبع الأحكام التي تنزل عليه ، فبعث الله معه شيعا بن أمضيا عليهالسلام ، وذلك قبل مبعث زكريا ويحيى ، ففي آخر مدة صديقة ، عظمت الأحداث فيهم والمعاصي ، فبعث الله عليهم سنحاريب ملك بابل ومعه ستمائة ألف راية ، فنزل حول بيت المقدس ، والملك مريض من قرحة كانت في ساقه ، فجاء شعيا إليه وقال له : يا ملك بني إسرائيل ، إن سنحاريب نزل بك هو وجنوده ، فقال : يا نبي الله هل أتاك من الله وحي فيما حدث فتخبرنا به؟ فقال : لم يأتني وحي في ذلك ، فبينما هم على ذلك ، أوحى الله إلى شعياء ، أن ائت إلى ملك إسرائيل ، فمره أن يوصي وصيته ، ويستخلف على ملكه من يشاء من أهل بيته فإنه ميت ، فأخبره شعيا بذلك ، فأقبل الملك على القبلة ، وصار يصلي ويتضرع إلى الله بقلب مخلص ، فاستجاب الله دعاء الملك ، وأوحى إلى شعياء ، أن أخبر صديقة أن ربه استجاب له ورحمه ، وأخر أجله خمس عشرة سنة ، وأنجاه من عدوه سنحاريب ، فلما قال له ذلك ، انقطع عنه الحزن ، وخر ساجدا شاكرا لله متضرعا ، فلما رفع رأسه ، أوحى الله إلى شعياء ، أن قل للملك يأتي بماء التين فيجعله على قرحته فيشفى ، فأخبره ففعل فشفاه الله ، فقال الملك لشعيا : سل ربك أن يجعل لنا علما بما هو صانع بعدونا هذا ، قال الله لشعيا : سيصبحون موتى كلهم إلا سنحاريب وخمسة نفر من كتابه ، فلما أصبح وجدوا الأمر كما ذكر ، فخرج الملك والتمس سنحاريب ، فلم يجده في الموتى ، فبعث في طلبه فأدركه ومعه خمسة نفر أحدهم بختنصر ، فجعلوهم في أطواق الحديد ، وقال الملك لسنحاريب : كيف رأيت فعل ربنا بكم ، ونحن وأنتم غافلون؟ فقال سنحاريب : قد أتاني خبر ربكم ونصره إياكم ، قبل أن أخرج من بلادي ، فلم أطع مرشدا ، وأوقعتني في الشقوة قلة العقل ، فقال الملك لسنحاريب : إن ربنا لم يبقك ومن معك لكرامة بك عليه ، وإنما أبقاك ومن معك ، لتزدادوا شقوة في الدنيا وعذابا في الآخرة ، ولتخبروا من وراءكم بما رأيتم من فعل ربنا بكم ، ثم إن الملك أطال عليهم العذاب ، فقال سنحاريب له : القتل خير مما تفعل ، فأوحى الله إلى شعيا ، أن يرسل سنحاريب ومن معه لينذروا من وراءهم ففعل ، فخرج سنحاريب ومن معه حتى قدموا بابل فأخبروهم الخبر ، فقال له قومه : نهيناك فلم تطعنا ، وهي أمة لا يستطيعها أحد مع ربهم ، وكان أمر سنحاريب تخويفا لبني إسرائيل ، ثم كفاهم الله