فبعث عليهم جالوت وجنوده فقتلوهم وسبوا أولادهم وخربوا بيت المقدس (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ) الدولة والغلبة (عَلَيْهِمْ) بعد مائة سنة بقتل جالوت (وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) (٦) عشيرة وقلنا (إِنْ أَحْسَنْتُمْ) بالطاعة (أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ) لأن ثوابه لها (وَإِنْ أَسَأْتُمْ) بالفساد (فَلَها) إساءتكم (فَإِذا جاءَ وَعْدُ) المرة (الْآخِرَةِ) بعثناهم (لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ) يحزنوكم بالقتل والسبي حزنا يظهر في وجوهكم (وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ) بيت المقدس فيخربوه (كَما دَخَلُوهُ) وخربوه (أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا) يهلكوا (ما عَلَوْا) غلبوا عليه (تَتْبِيراً) (٧) هلاكا وقد أفسدوا ثانيا بقتل يحيى فبعث عليهم بختنصر فقتل منهم ألوفا وسبى ذريتهم وخرب
____________________________________
جمع خلل كجبل وجبال. قوله : (وَكانَ) أي البعث المذكور وتفتيش الأعداء عليهم. قوله : (بقتل زكريا) الخ ، مشى المفسر على أن المرة الأولى هي قتل زكريا ، والثانية هي قتل ولده يحيى ، ومشى غيره على أن المرة الأولى ، مخالفة أحكام التوراة ، وقتل شعياء وقيل أرمياء ، والثانية قتل زكرياء ويحيى ، وقصد قتل عيسى قوله : (فبعث عليهم جالوت وجنوده) الصحيح أن الذي بعث عليهم في المرة الأولى بختنصر ، قيل وقد كانت مدة ملكه سبعمائة سنة وأما جالوت وجنوده ، فلم يقع منهم تخريب لبيت المقدس ، بل جاؤوا ليغزوهم ، فخرج إليهم داود وطالوت بجيوشهم ، فقتل الله جالوت على يد داود ، كما تقدم مفصلا في سورة البقرة. قوله : (الدولة) في المصباح تداول للقوم الشيء ، وهو حصوله في يد هذا تارة ، وفي يد هذا أخرى ، والاسم الدولة بفتح الدال وضمها ، وجمع المفتوح دول بالكسر كقصعة وقصع ، وجمع المضموم دول كغرفة وغرف اه. قوله : (والغلبة) تفسير. قوله : (وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ) أي بعد النهب والقتل الأول. قوله : (أَكْثَرَ نَفِيراً) أي أكثر الناس اجتماعا وذهابا للعدو ، ونفيرا منصوب على التمييز. قوله : (إِنْ أَحْسَنْتُمْ) الخطاب لنبي إسرائيل قوله : (أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ) أي فلا يصل إلى شيء من طاعتكم إذ مستحيل على الله تعالى أن يصل له من عباده نفع أو ضر ، وحينئذ فلا ينبغي للإنسان أن يفتخر بطاعته ، بل يعمل الطاعة وهو راج قبولها من ربه ، لأنها علامة على دوام السعادة لصاحبها وأنه من أهل النعيم ، ففي الحديث «يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، وإنما هي أعمالكم أحصيها لكم ، ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك ، فلا يلومن إلا نفسه». وقال العارف :
ماذا يضرك وهو عا |
|
ص أو يفيدك وهو طائع |
فمن ظن أن الله ينتفع بالعبادة فقد كفر ، لنسبته الافتقار له تعالى الله عنه. قوله : (فَلَها) خبر مبتدأ محذوف قدره المفسر ، واللام بمعنى على ، وإنما عبر بها للمشاكلة. قوله : (فَإِذا جاءَ) جواب الشرط محذوف قدره المفسر بقوله : (بعثناهم) دل عليه جواب إذا الأولى. قوله : (الْآخِرَةِ) صفة لموصوف محذوف قدره المفسر بقوله : (المرة). قوله : (لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ) متعلق بهذا الجواب المحذوف ، وفيها ثلاث قراءات سبعية : الأولى بضمير الجماعة مع الياء ، فالواو فاعل الثانية بنون العظمة وفتح الهمزة آخرا ، والفاعل هو الله. الثالثة بالياء المفتوحة والهمزة المفتوحة ، والفاعل إما لله وإما الوعد وإما البعث وإما النفير ، تأمل. قوله : (بقتل يحيى) أي وقيل بقتل زكرياء ويحيى ، وقصد قتل عيسى. قوله : (فبعث عليهم بختنصر) وهو بضم الباء وسكون الخاء المعجمة والتاء المثناة معناه ابن ونصر بفتح النون وتشديد