المستدرك عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم رأيت ربي عزوجل. قال تعالى : (وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) التوراة (وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً) (٢) يفوضون إليه أمرهم وفي قراءة تتخذوا بالفوقانية التفاتا ، فأن زائدة والقول مضمر يا (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ) في السفينة (إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً) (٣) كثير الشكر لنا حامدا في جميع أحواله (وَقَضَيْنا) أوحينا (إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ) التوراة (لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ) أرض الشام بالمعاصي (مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) (٤) تبغون بغيا عظيما (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما) أولى مرتي الفساد (بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) أصحاب قوة في الحرب والبطش (فَجاسُوا) ترددوا لطلبكم (خِلالَ الدِّيارِ) وسط دياركم ليقتلوكم ويسبوكم (وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً) (٥) وقد أفسدوا الأولى بقتل زكريا
____________________________________
فقالوا : إن هذا لسحر مبين ، فأنزل الله تعالى (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ).
قوله : (وَآتَيْنا مُوسَى) معطوف على جملة (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ) ومناسبتها لما قبلها أن كلا متعلقة بعطايا نبي ، فالأولى متعلقة بعطايا سيدنا محمد ، وهذه متعلقة بعطايا موسى عليهماالسلام بجامع أن موسى أعطي التوراة بمسيره إلى الطور ، وهو بمنزلة معراجه صلىاللهعليهوسلم لأنه منح ثمة التكلم ، وشرف باسم الكليم. قوله : (وَجَعَلْناهُ) أي موسى أو الكتاب. قوله : (هُدىً) أي هاديا من الضلالة والشرك.
قوله : (أَلَّا تَتَّخِذُوا) «أن» مصدرية و «لا» نافية ، والفعل منصوب بحذف النون ، ولام التعليل مقدرة كما زادها المفسر ، وهذا على قراءة التحتية ، وأما على قراءة التاء الفوقية ، فالفعل مجزوم بلا الناهية ، وأن زائدة ، والقول مقدر والتقدير : وقلت لهم لا تتخذوا الخ ، وقوله : (مِنْ دُونِي) في محل المفعول الثاني ، و (وَكِيلاً) مفعول أول وهو مفرد في اللفظ جمع في المعنى ، أي لا تتخذوا وكلاء غيري تلتجئون إليهم ، وتفوضون أموركم إليهم. قوله : (فأن زائدة) المناسب أنها هنا مفسرة ، لأن هذا ليس من مواضع زيادتها ، وحينئذ فيقدر جملة فيها معنى القول دون حروفه ، ولما كان وجه زيادتها ظاهرا بحسب الصورة ، حملها المفسر عليه. قوله : (ذُرِّيَّةَ) الخ ، أعربه المفسر منادى ، وحرف النداء محذوف ، وحينئذ فالمعنى يا ذرية من حملنا مع نوح ، وحدوا الله واعبدوه واشكروه في جميع حالاتكم كما كان نوح ، إنه كان عبدا شكورا ، فقوله : (إِنَّهُ كانَ) الخ تعليل لمحذوف ، وهذا هو الأقرب والأسهل ، وبعضهم أعرب (ذُرِّيَّةَ) مفعولا ثانيا لتتخذوا. و (وَكِيلاً) مفعول أول ، أو ذرية بدل من وكيلا ، أو منصوب على الاختصاص ، فتحصل أن في إعراب ذرية أربعة أقوال ، أسهلها ما مشى عليه المفسر. قوله : (أوحينا) فسر القضاء بالوحي لتعديه بإلى ، فإن قضى يتعدى بنفسه أو بعلى ، وما هنا فهو مضمن معنى الإيحاء ، والمراد بالكتاب التوراة ، ويصح أن يبقى القضاء على بابه من أن معناه التقدير والحكم ، وتكون إلى بمعنى على ، أي حكمنا وقدرنا على بني إسرائيل ، وحينئذ فالمراد بالكتاب اللوح المحفوظ. قوله : (مَرَّتَيْنِ) تثنية مرة وهي الواحدة من المر أي المرور. قوله : (تبغون) أي تظلمون وتطغون. قوله : (وَعْدُ أُولاهُما) المراد بالوعد الوعيد ، أي جاء وقت العقاب الموعود به. قوله : (بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا) أي جالوت وجنوده كما يأتي للمفسر ، وقيل بختنصر. قوله : (فَجاسُوا) هو بالجيم بإتفاق الجمهور ، وقرىء شذوذا بالحاء المهملة ، والمعنى على كل نقبوا وفتشوا. قوله : (خِلالَ الدِّيارِ) إما مفرد بمعنى (وسط) كما قال المفسر ، أو