منتهى طرفه فركبته فسار بي حتى أتيت بيت المقدس فربطت الدابة بالحلقة التي تربط فيها الأنبياء ثم دخلت فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجائني جبريل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن ، قال جبريل : أصبت الفطرة. قال : ثم عرج بي إلى السماء الدنيا فاستفتح جبريل قيل من أنت قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال قد أرسل إليه ففتح لنا فإذا بآدم فرحب بي ودعا لي بخير ثم عرج بنا إلى السماء الثانية فاستفتح جبريل فقيل من أنت فقال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد بعث إليه قال قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بابني الخالة يحيى وعيسى فرحبا بي ودعوا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء الثالثة فاستفتح جبريل فقيل من أنت قال
____________________________________
(عند منتهى طرفه) هو بسكون الراء البصر. قوله : (فركبته) أي وكان جبريل عن يمينه آخذا بركابه ، وميكائيل عن يساره آخذا بزمام البراق. قوله : (حتى أتيت بيت المقدس) في هذه الرواية اختصار ، وزيد في غيرها ، أنه نزل بالمدينة ومدين وطور سيناء وبيت لحم ، فصلى في كل موضع ركعتين ، بأمر من جبريل عن الله ، لتحصل زيادة بركته لتلك الأماكن ، وليقتدي به غيره في العبادة بالأماكن المشرفة ، ورأى بين كل موضع والآخر ، عجائب مذكورة في قصة النجم الغيطي. قوله : (فربطت الدابة) يقال ربط يربط من باب ضرب شده. قوله : (بالحلقة) بسكون اللام ويجوز فتحها ، والربط تعليما للاحتياط في الأمور ، وإشارة إلى أن الأخذ في الأسباب لا ينافي التوكل قوله : (التي تربط فيها الأنبياء) أي الذين كانوا يأتون بيت المقدس لزيارته ، وفي رواية أن جبريل أخذ البراق من الباب وأدخله المسجد ، وخرق الصخرة بأصبعه وربط البراق فيها. قوله : (فصليت فيه ركعتين) أي إماما بالأنبياء أجسادا وأرواحا ، والملائكة وأرواح المؤمنين ، وهذه الصلاة لم يعلم كونها فرضا أو نفلا ، غاية ما يقال إنه أمر بها وهو مطيع ، وفي الحديث اختصار ، لأنه طوى ذكر صلاة الركعتين تحية المسجد ، حين اجتمع جمع الأنبياء والملائكة وأرواح المؤمنين ، ويحتمل أن الركعتين المذكورتين في الحديث هما تحية المسجد ، وطوى ذكر الركعتين اللتين أم فيهما الناس. قوله : (فجاءني جبريل) أي حين أخذني من العطش أشد ما أخذني. قوله : (أصبت الفطرة) أي الخلقة الأصلية وهي فطرة الإسلام ، وفي بعض الروايات أن جبريل قال له : ولو اخترت الخمر لغوت أمتك ولم يتبعك منهم إلا قليل ، وفي رواية إن الآنية كانت ثلاثا والثالث فيه ماء ، وأن جبريل قال له : ولو اخترت الماء لغرقت أمتك. قوله : (قال) أي الراوي وهو أنس بن مالك ، خادم رسول الله صلىاللهعليهوسلم. قوله : (ثم عرج بي) أي بعد أن أتي بالمعراج ، ووضع على صخرة بيت المقدس ، وهو سلم له عشر مراق : إحداها من ذهب ، والأخرى من فضة ، وأحد جانبيه من ياقوتة حمراء ، والآخر من ياقوتة بيضاء ، وهو مكلل بالدر ، سبع منها للسماوات السبع ، والثامنة للسدرة ، والتاسعة للكرسي ، والعاشرة إلى العرش ، فلما هما بالصعود ، نزلت المرقاة التي عند السماء الدنيا ، فركباها وصعدت بهما إلى محلها ، ثم نزلت الثانية لهما وهكذا. قوله : (إلى الدنيا) أي وهي من موج مكفوف ، والثانية من مرمرة بيضاء ، والثالثة من حديد ، والرابعة من نحاس ، والخامسة من فضة ، والسادسة من ذهب ، والسابعة من ياقوتة حمراء ، والكرسي من ياقوتة بيضاء ، والعرش من ياقوتة حمراء ، وأبواب السماوات كلها من ذهب ، وأقفالها من نور ، ومفاتيحها اسم الله الأعظم. قوله : (فاستفتح جبريل) أي طلب الفتح من الملك الموكل بالباب ، وحكمة غلقها إذ ذاك ، لزيادة الإكرام بالسؤال والترحيب له صلىاللهعليهوسلم. قوله : (قيل من أنت) الخ ، فيه اختصار ، وفي الرواية