ذِي ظُفُرٍ) إلى آخرها (وَما ظَلَمْناهُمْ) بتحريم ذلك (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (١١٨) بارتكاب المعاصي الموجبة لذلك (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ) الشرك (بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا) رجعوا (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا) عملهم (إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها) أي الجهالة أو التوبة (لَغَفُورٌ) لهم (رَحِيمٌ) (١١٩) بهم (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً) إماما قدوة جامعا لخصال الخير (قانِتاً) مطيعا (لِلَّهِ حَنِيفاً) مائلا إلى الدين القيم (وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١٢٠) (شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ) اصطفاه (وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (١٢١) (وَآتَيْناهُ) فيه التفات عن الغيبة (فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) هي الثناء الحسن في كل أهل الأديان (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) (١٢٢) الذين لهم الدرجات
____________________________________
(إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ) الخ ، وأشار للثاني بقوله : (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا) الخ. قوله : (إِنَّ رَبَّكَ) لما بالغ في تهديد المشركين ، وبين ما حل وما حرم ، ذكر أن فعل تلك القبائح ، لا يمنع من التوبة والرجوع والإنابة ، بل باب التوبة مفتوح لكل كافر ما لم يغرغر ، فهو ترغيب للكافر في الإسلام ، وللعاصي في التوبة ، والإقلاع عن الذنوب. قوله : (لِلَّذِينَ) متعلق بمحذوف دل عليه خبر (إِنَ) الآتية ، تقديره ثم إن ربك لغفور رحيم للذين عملوا السوء ، الخ. قوله : (بِجَهالَةٍ) أي بسبب جهل العواقب وجلال الله ، إذ لا يقع الذنب إلا من جاهل بالعواقب ، أو جاهل بجلال الله ، ولو علم قدر العقاب المدخر للعاصي ، ما قدم على معصية قط. قوله : (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) أي الشرك. قوله : (أو التوبة) أو لتنويع الخلاف في مرجع الضمير. قوله : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً) للمفسرين في معنى هذه اللفظة أقوال ، قيل الأمة معلم الخير ، أي إنه كان معلما للخير ، يأتم به أهل الدنيا ، وقيل إنه كان مؤمنا وحده ، والناس كلهم كفار ، فلهذا المعنى كان أمة وحده ، وقيل الأمة الذي يقتدى ويؤتم به ، لأنه كان إماما يقتدى به ، وفي الأصل الأمة الجماعة ، وإطلاق الأمة بمعنى الجماعة عليه ، لجمعه أوصاف الكمالات التي تفرقت في الخلق ، ومنه قول الشاعر :
وليس على الله بمستنكر |
|
أن يجمع العالم في واحد |
وقد ذكر الله في هذه الآيات من صفات إبراهيم ، عشرة أوصاف حميدة. قوله : (مائلا إلى الدين القيم) أي تاركا لما عداه من الأديان الباطلة. قوله : (وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) هذا الوصف قد علم التزاما من قوله : (حَنِيفاً) وإنما ذكره ردا على المشركين ، حيث زعموا أنهم على ملة إبراهيم. قوله : (شاكِراً لِأَنْعُمِهِ) أي صارفا جميع ما أنعم الله به عليه ، إلى ما خلق لأجله فهو معصوم عن الغفلة ، وعن كل شاغل يشغله عن الله ، ظاهرا وباطنا. قوله : (اجْتَباهُ) أي اختاره من دون خلقه ، وهذا الوصف وما بعده ، ناشىء من الله خاصة ، لم يكن له فيه كسب ، إشارة إلى أن ما نشأ عنه من الأخلاق الحميدة والأفعال الجميلة ، باختيار الله له لا بنفسه. قوله : (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) أي دين قويم لا اعوجاج فيه. قوله : (فيه التفات عن الغيبة) أي إلى التكلم ، إشارة إلى زيادة الاعتناء بشأنه. قوله : (هي الثناء الحسن) أي الذكر بخير. قوله : (في كل أهل الأديان) أي عند كل أهل الملل ، فجميعهم يترضون عنه ولا يكفرون به ، ويزعمون أنهم على ملته. قوله : (لَمِنَ الصَّالِحِينَ) أي من أكملهم وأعلاهم درجة ، وهذا تتميم لقوله : (وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) فإن حسنة الدنيا لا تتم إلا بحسنة الآخرة.