بسرايا النبي صلىاللهعليهوسلم (بِما كانُوا يَصْنَعُونَ) (١١٢) (وَلَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ) محمد صلىاللهعليهوسلم (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ) الجوع والخوف (وَهُمْ ظالِمُونَ) (١١٣) (فَكُلُوا) أيها المؤمنون (مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (١١٤) (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١١٥) (وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ) أي لوصف ألسنتكم (الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ) لما لم يحله الله ولم يحرمه (لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) بنسبة ذلك إليه (إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ) (١١٦) لهم (مَتاعٌ قَلِيلٌ) في الدنيا (وَلَهُمْ) في الآخرة (عَذابٌ أَلِيمٌ) (١١٧) مؤلم (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا) أي اليهود (حَرَّمْنا ما قَصَصْنا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ) في آية (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَ
____________________________________
وتقريرها أن يقال : شبه ذلك اللباس من حيث الكراهية ، بالطعم المر البشع ، طوى ذكر المشبه به ، ورمز له بشيء من لوازمه وهو الإذاقة ، فإثباتها تخييل : الثالثة تبعية وتقريرها أن يقال : شبه الابتلاء بالإذاقة ، واستعير اسم المشبه به للمشبه ، واشتق منه الإذاقة أذاقهم بمعنى ابتلاهم. قوله : (بسرايا النبي) الباء سببية ، والمراد بسراياه جماعته التي كان يبعثها للإغارة عليهم ، فكان أهل مكة يخافونهم. قوله : (بِما كانُوا يَصْنَعُونَ) أي بسبب صنعهم ، أو بسبب الذي كانوا يصنعونه.
قوله : (وَلَقَدْ جاءَهُمْ) أي أهل مكة. قوله : (رَسُولٌ مِنْهُمْ) أي من جنسهم. قوله : (وَهُمْ ظالِمُونَ) الجملة حالية ، والمراد بالظالمين الكافرون. قوله : (فَكُلُوا) مفرع على التمثيل ، أي فإذا علمتم ما حصل للكفار من الحرمان ، وما حل بهم ، بسبب كفر النعم ، فدوموا أيها المؤمنون على حالتكم المرضية وكلوا الخ. قوله : (حَلالاً طَيِّباً) حالان من ما ، أي كلوا مما رزقكم الله به حال كونه حلالا طيبا. قوله : (تَعْبُدُونَ) أي تطيعون.
قوله : (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ) الخ شروع في ذكر المحرمات ، ليعلم أن ما عدا ذلك حلال طيب قوله : (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ) أي خارج على الإمام كالبغاة ، وقوله : (وَلا عادٍ) أي قاطع للطريق ، فلا يباح لهم تعاطي الميتة إذا اضطروا ما لم يتوبوا ، وأما المضطر غير ما ذكر ، فيحل له الأكل منها والشبع والتزود عند مالك ، وعند الشافعي لا يحل له إلا ما يسد رمقه. قوله : (وَلا تَقُولُوا) (لا) ناهية والفعل مجزوم بحذف النون ، والواو فاعل ، وقوله : (هذا حَلالٌ) الخ مقول القول ، وقوله : (لِما تَصِفُ) اللام للتعليل ، وما مصدرية و (الْكَذِبَ) مفعول لتصف ، قوله : (لِتَفْتَرُوا) بدل من التعليل الأول ، والمعنى لا تقولوا هذا حلال وهذا حرام ، لأجل وصف ألسنتكم الكذب ، افتراء على الله بنسبة ذلك إليه. قوله : (بنسبة ذلك) أي التحليل والتحريم. قوله : (لا يُفْلِحُونَ) أي لا يفوزون ولا يظفرون بمطلوبهم ، لا في الدنيا ولا في الآخرة ، والوقف هنا ، وقوله : (مَتاعٌ قَلِيلٌ) كلام مستأنف. قوله : (مَتاعٌ قَلِيلٌ) مبتدأ خبره محذوف ، قدره المفسر بقوله : (لهم) وقدره مقدما ليكون مسوغا للابتداء بالنكرة.
قوله : (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا) شروع في ذكر ما يخص اليهود من التحريم ، إثر بيان ما يحل لأهل الإسلام وما يحرم عليهم ، وتحريم الشيء إما لضرر فيه ، وإما لبغي المحرم عليهم ، فأشار للأول بقوله :