بالقتال (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ) أي يقرون بأنها من عنده (ثُمَّ يُنْكِرُونَها) بإشراكهم (وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ) (٨٣) (وَ) اذكر (يَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً) هو نبيها يشهد لها وعليها وهو يوم القيامة (ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) في الاعتذار (وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) (٨٤) لا يطلب منهم العتبى أي الرجوع إلى ما يرضي الله (وَإِذا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) كفروا (الْعَذابَ) النار (فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ) العذاب (وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) (٨٥) يمهلون عنه إذا رأوه (وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ) من الشياطين وغيرها (قالُوا رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا) نعبدهم (مِنْ
____________________________________
قوله : (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ) أي وهي ما تقدم من أول السورة إلى هنا من النعم العظيمة ، بأن يقرونها من عند الله ، ولا يصرفونها في مصارفها. قوله : (ثُمَّ يُنْكِرُونَها) أتى بثم إشارة إلى أن إنكارهم مستبعد بعد المعرفة ، لأن من عرف النعمة ، فحقه أن لا ينكرها بعد ذلك. قوله : (وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ) أي يموتون كفارا ، وأقلهم يتهدي للإسلام ، فإن أكثر صناديدهم مات كافرا والأقل منهم أسلم.
قوله : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ يَوْمَ) منصوب بفعل محذوف قدره المفسر بقوله : (اذكر) ، والمعنى : اذكر يا محمد لقومك ، يوم نجعل لكل أمة شهيدا ، أو المراد بالبعث الإحياء ، أي يوم نحيي من كل أمة شهيدا ، والأول أقرب. قوله : (يشهد عليها) أي بالتكذيب والكفر ، وقوله : (ولها) أي بالتصديق والإيمان. قوله : (وهو يوم القيامة) أي لأنه ورد : أنه يؤتى بالأمم الماضية وأنبيائهم ، فيقال للأنبياء : هل بلغتم أممكم؟ فيقولون : نعم بلغنا ، فيقال للأمم : هل بلغكم رسلكم؟ فيقولون : يا ربنا ما جاءنا من نذير ، فيؤتى بالأمة المحمدية ، فتشهد للأنبياء بالتبليغ ، وعلى الأمم بالتكذيب ، فتقول الأمم : من أين أتى لكم ذلك ، وأنتم آخر الأمم؟ فيقولون : أخبرنا نبينا بذلك عن ربنا ، وهو صادق عن صادق ، فيأتي رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيزكي أمته ، فحين يقول : يا رب قد بلغتهم تنقطع حجتهم ، فهو مخصوص بأنه مقبول الشهادة ، من غير مزك له.
قوله : (ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) اختلف في متعلق الإذن المنفي ، فقال المفسر في الاعتذار ، ويدل له قوله تعالى (وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) وقيل لا يؤذن لهم في كثرة الكلام ، وقيل في الرجوع إلى الدنيا والتكليف ، وقيل في التكلم وقت شهادة الشهود ، بل يسكتون وقتها ، ولا يقدر أحد منهم على التكلم إذ ذاك. قوله : (وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) أي لا تزال عتباهم ، وهي ما يعتبون ويلامون عليها ، يقال استعتبت فلانا ، بمعنى أزلت عتباه ، فالسين والتاء للسلب ، نظير الهمزة في أعذر إليه على ألسنة المرسلين. قوله : (إلى ما يرضي الله) أي من الرجوع إلى الدنيا والعبادة فيها. قوله : (فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ) أي فهم لا يخفف عنهم ، وإنما احتيج لتقدير المبتدأ ، لصحة دخول الفاء ، لأن الفعل المضارع الصالح لمباشرة الأداة لا يقرن بالفاء ، فاحتيج لجعلها جملة اسمية لوجود الفاء. قوله : (الْعَذابَ) تفسير للضمير المستتر في الفعل.
قوله : (وَإِذا رَأَى) أي أبصر. قوله : (شُرَكاءَهُمْ) مفعول به ، والإضافة لأدنى ملابسة ، لكون الإشراك نشأ منهم ، وكذا يقال في قوله : (هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا). قوله : (قالُوا رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا) إنما