أي أهل مكة (لا يَعْلَمُونَ) (٧٥) ما يصيرون إليه من العذاب فيشركون (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) ويبدل منه (رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ) ولد أخرس (لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) لأنه لا يفهم ولا يفهم (وَهُوَ كَلٌ) ثقيل (عَلى مَوْلاهُ) ولي أمره (أَيْنَما يُوَجِّهْهُ) يصرفه (لا يَأْتِ) منه (بِخَيْرٍ) بنجح ، وهذا مثل الكافر (هَلْ يَسْتَوِي هُوَ) أي الأبكم المذكور (وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) أي ومن هو ناطق نافع للناس حيث يأمر به ويحث عليه (وَهُوَ عَلى صِراطٍ) طريق (مُسْتَقِيمٍ) (٧٦) وهو الثاني المؤمن؟ لا ، وقيل هذا مثل لله ، والأبكم للأصنام ، والذي قبله في الكافر والمؤمن (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي علم ما غاب فيهما (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) منه لأنه بلفظ كن فيكون (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٧٧) (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً) الجملة حال (وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ) بمعنى الأسماع (وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ) القلوب (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٧٨) على ذلك فتؤمنون (أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ) مذللات للطيران
____________________________________
جمع العبيد ، إشارة إلى أنه مثل متوصل به إلى توحيد الله ، والله تعالى واحد فأفرده تأدبا. قوله : (لا) هو جواب استفهام.
قوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) هذا حمد من الله لنفسه ، في مقام الرد على المشركين ، أي هو المستحق لجميع المحامد ، المنعم المتفضل الخالق الرازق ، وأما هذه الأصنام فلا تستحق ذلك ، لأنها جمادات عاجزة ، لا تنفع ولا تضر. قوله : (فيشركون) أي يعبدون غير الله ، مع ظهور البراهين والحجج الدالة على وحدانية الله تعالى. قوله : (أَحَدُهُما أَبْكَمُ) أي والآخر ناطق قادر خفيف على مولاه ، أينما يوجهه يأت بخير ، وقد حذف هذا المقابل لدلالة قوله : (وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) الخ. قوله : (ولد أخرس) المناسب تفسيره بالذي لا يسمع ولا يبصر ليظهر قوله : (لأنه لا يفهم ولا يفهم). قوله : (أَيْنَما يُوَجِّهْهُ) الخ أين اسم شرط جازم ، و (يُوَجِّهْهُ) فعل الشرط ، وقوله : (لا يَأْتِ) جواب الشرط مجزوم بحذف الياء. قوله : (بنجح) بضم النون بوزن قفل ، أي لا يأت بشيء نافع.
قوله : (وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) معطوف على الضمير في (يَسْتَوِي) والشرط موجود ، وهو الفصل بالضمير المنفصل. قوله : (وقيل هذا) أي من يأمر بالعدل. قوله : (والذي قبله) أي وهو قوله (عَبْداً مَمْلُوكاً وَمَنْ رَزَقْناهُ) وقيل كل في الكافر والمؤمن ، وقيل كل في المعبود بحق ، والمعبود بباطل ، فتكون الأقوال أربعة. قوله : (في الكافر والمؤمن) قيل محمول على العموم ، وقيل المراد بالكافر أبو جهل ، والمؤمن النبي صلىاللهعليهوسلم ، وقيل غير ذلك.
قوله : (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ) هذا دليل على كمال علمه وقدرته. قوله : (أي علم ما غاب) أي خفي وبطن. قوله : (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ) أي قيام الخلق من القبور. قوله : (إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ) أي انطباق جفن العين أو فتحه. قوله : (لأنه بلفظ كن فيكون) فيه تسامح ، إذ ليس ثم كاف ولا نون ، بل المراد سرعة الإيجاد ، فإذا أراد شيئا أوجده سريعا. قوله : (لا تَعْلَمُونَ) أي لا تعرفون قوله : (حال) أي من الكاف في أخرجكم. قوله : (وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ) أفرده باعتبار كونه مصدرا في الأصل.