أنواع الثمار والحبوب والحيوان (أَفَبِالْباطِلِ) الصنم (يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ) (٧٢) بإشراكهم (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ) أي غيره (اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ) بالمطر (وَالْأَرْضِ) بالنبات (شَيْئاً) بدل من رزقا (وَلا يَسْتَطِيعُونَ) (٧٣) يقدرون على شيء وهو الأصنام (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ) لا تجعلوا لله أشباها تشركونهم به (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ) أن لا مثل له (وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (٧٤) ذلك (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) ويبدل منه (عَبْداً مَمْلُوكاً) صفة تميزه من الحر فإنه عبد الله (لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) لعدم ملكه (وَمَنْ) نكرة موصوفة أي حرا (رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً) أي يتصرف فيه كيف يشاء والأول مثل الأصنام والثاني مثله تعالى (هَلْ يَسْتَوُونَ) أي العبيد العجزة والحر المتصرف لا (الْحَمْدُ لِلَّهِ) وحده (بَلْ أَكْثَرُهُمْ)
____________________________________
قوله : (أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ) يقال فيه ما قيل فيما قبله ، فيكون التقدير أبعد تحقق ما ذكر من نعم الله يؤمنون بالباطل؟ وهو استفهام توبيخ وتقريع. قوله : (وَيَعْبُدُونَ) عطف على (يَكْفُرُونَ). قوله : (ما لا يَمْلِكُ) الخ أي أصناما ، لا تستطيع جلب نفع ولا دفع ضر. قوله : (بالمطر) أي بإنزاله. قوله : (بدل من رزقا) أي على أن الرزق اسم عين بمعنى المرزوق ، وفيه أن البدل إما للتوكيد أو للبيان ، وشيئا لا يصلح لذلك ، وحينئذ فالمناسب جعله صفة لمصدر محذوف مفعول مطلق لقوله يملك ، والتقدير ما لا يملك لهم ملكا شيئا ، أي قليلا أو كثيرا ، جليلا أو حقيرا. قوله : (تشركونهم به) أي فإن ضرب المثل تشبيه حال بحال ، والله منزه عن الأحوال والكيفيات ، وأما ضرب المثل ، بمعنى تشبيه حال بعض المخلوقات بحال بعض ، لأجل الاستدلال على اتصافه بالكمالات ، فلا ينهى عنه ، بل ذكره الله تعالى في كتابه ، وعلمنا كيفية ضربه. قال تعالى : (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها) إلى آخره ، وقال هنا (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً) الخ. قوله : (أن لا مثل له) وقيل المراد أن الله يعلم كيفية ضرب الأمثال ، وأنتم لا تعلمون كيفيتها.
قوله : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) هذا مرتب على قوله : (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ) لأن المنهي عنه ، الأمثال التي تفيد تشبيه الله بغيره ، وأما المثل الذي يفيد التوحيد ، فقد ضربه الله بقوله : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) الخ. قوله : (صفة تميزه من الحر) جواب عما يقال : إن كل شخص مملوك لله ، حرا كان أو عبدا. فأجاب : بأن المراد به الرفيق ، إذ الحر لا يسمى مملوكا عرفا ، وإن كان عبدا لله. قوله : (لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) أي من التصرفات. واختلف العلماء في العبد ، هل يملك ما تحت يده من الأموال ، أو لا يملكها؟ فقال مالك : إنه يملك ، غير أن ملكه غير تام. وقال الشافعي : لا يملك أصلا ، وإنما الذي تحت يده ملك سيده ، والآية مفروضة في عبد لا يقدر على شيء ، وكون العبد يملك أو لا شيء آخر.
قوله : (وَمَنْ) معطوف على عبدا. قوله : (حَسَناً) أي حلالا. قوله : (والأول مثل الأصنام والثاني مثله تعالى) أي فالمقصود من ذلك التوصل إلى إبطال الشريك ، والرد على الكفار ، كأن الله يقول : أنتم لا تسوون العبد المملوك العاجز ، بالحر الغني الذي يتصرف في ماله كيف يشاء ، فكيف تشركون الأصنام التي هي أضعف من العبد المملوك ، مع الله القادر المتصرف في خلقه. قوله : (هَلْ يَسْتَوُونَ) أي في الإجلال والتعظيم ، ولم يقل يستويان ، نظرا إلى تعدد أفراد كل قسم ، وإنما لم يجمع المفسر الحر ، كما