(لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ) من النعمة (فَتَمَتَّعُوا) باجتماعكم على عبادة الأصنام ، أمر تهديد (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) (٥٥) عاقبة ذلك (وَيَجْعَلُونَ) أي المشركون (لِما لا يَعْلَمُونَ) أنها لا تضر ولا تنفع وهي الأصنام (نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ) من الحرث والأنعام بقولهم هذا لله وهذا لشركائنا (تَاللهِ لَتُسْئَلُنَ) سؤال توبيخ ، وفيه التفات عن الغيبة (عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ) (٥٦) على الله من أنه أمركم بذلك (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ) بقولهم الملائكة بنات الله (سُبْحانَهُ) تنزيها له عما زعموا (وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ) (٥٧) أي البنون والجملة في محل رفع أو نصب بيجعل ، المعنى يجعلون له البنات التي يكرهونها وهو منزه عن الولد ويجعلون لهم الأبناء الذين يختارونها فيختصون بالأسنى كقوله (فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى) تولد له (ظَلَ) صار (وَجْهُهُ
____________________________________
وقوله : (فَمِنَ اللهِ) جواب الشرط ، وقوله : (مِنْ نِعْمَةٍ) بيان لما ، ويرد عليه أنه لا يحذف فعل الشرط ، إلا بعد إن في موضعين : الأول في باب الاشتغال نحو : وإن أحد من المشركين استجارك فأجره. الثاني أن تكون لا النافية تالية ، لأن مع وجود ما يدل على الشرط ، كقول الشاعر :
فطلقها فلست لها بكفء |
|
وإلا يعل مفرقك الحسام |
فإن لم توجد لا ، أو كانت الأداة غير إن ، لم يحذف إلا لضرورة ، فالأحسن الإعراب الثاني. قوله : (أو موصولة) أي بمعنى الذي ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف صلة ما ، و (مِنْ نِعْمَةٍ) بيان لما وهو مبتدأ : وخبره قوله : (فَمِنَ اللهِ) والفاء زائدة في الخبر لتضمن المبتدأ معنى الشرط ، والمعنى أن الله هو مولى النعم لا غيره ، وتسمية غيره منعما ، باعتبار أن النعم أجريت على يده ، وهو مظهر لها. قوله : (تَجْئَرُونَ) من الجؤار بوزن غراب ، وهو رقع الصوت بالدعاء ، في كشف ما نزل من الضر.
قوله : (ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ) أي أزاله بإيصال النفع لكم. قوله : (لِيَكْفُرُوا) اللام لام كي ، وهي متعلقة بيشركون ، أو لام العاقبة والصيرورة ، أو لام الأمر للتهديد. قوله : (أمر تهديد) أي تخويف. قوله : (عاقبة ذلك) أي وهي الخلود في النار. قوله : (لأنها لا تضر ولا تنفع) أشار بذلك إلى أن مفعول «يعلمون» محذوف. قوله : (وهي الأصنام) تفسير لما ، والمعنى : ويجعل المشركون للأصنام ، التي لا يعلمون منها نفعا ولا ضرا نصيبا ، الخ. قوله : (من الحرث) بيان لما ، والمراد بالحرث الزرع. قوله : (بقولهم) متعلق بيجعلون. قوله : (وفيه التفات عن الغيبة) أي لزيادة التوبيخ عليهم. قوله : (بقولهم الملائكة بنات الله) أي وليس المراد بالبنات بناتهم التي يلدونها ، لأنهم يعترفون بأنها منسوبة لهم ، فلا يضيفونها لله ، وإنما البنات التي يضيفونها لله ، هي الملائكة ، والقائل ذلك كنانة وخزاعة. قوله : (والجملة في محل رفع) المناسب أن يقول مستأنفة ، لأن هم خبر مقدم ، وما مبتدأ مؤخر لا محل لها من الإعراب. قوله : (أو نصب بيجعل) أي بالعطف على معمولي يجعل ، فإن قوله : (لَهُمْ) معطوف على «الله» ، و (ما) معطوفة على (الْبَناتِ) مسلط عليهما ، ويجعل فيه العطف على معمولي عام واحد ، وهو جائز باتفاق. قوله : (بالأسنى) أي الأرفع والأشرف.
قوله : (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ) الجملة في محل نصب حال من الواو في (يَجْعَلُونَ) والمراد بالبشارة