يُؤْمَرُونَ) (٥٠) به (وَقالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ) تأكيد (إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) أتى به لإثبات الإلهية والوحدانية (فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) (٥١) خافون دون غيري وفيه التفات عن الغيبة (وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ملكا وخلقا وعبيدا (وَلَهُ الدِّينُ) الطاعة (واصِباً) دائما ، حال من الدين ، والعامل فيه معنى الظرف (أَفَغَيْرَ اللهِ تَتَّقُونَ) (٥٢) وهو الإله الحق ولا إله غيره ، والاستفهام للإنكار أو التوبيخ (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ) لا يأتي بها غيره ، وما شرطية أو موصولة (ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ) أصابكم (الضُّرُّ) الفقر والمرض (فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ) (٥٣) ترفعون أصواتكم بالاستغاثة والدعاء ولا تدعون غيره (ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) (٥٤)
____________________________________
مستحيلة عليه تعالى. قوله : (وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) أي فلا يعصون ربهم أبدا ، بل هم ممتثلون لأمره مجتنبون لنهيه.
قوله : (وَقالَ اللهُ) أي لعباده. قوله : (لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ لا) ناهية ، و (تَتَّخِذُوا) مجزوم بحذف النون ، والواو فاعل ، و (إِلهَيْنِ) مفعول أول ، و (اثْنَيْنِ) تأكيد له ، والمفعول الثاني محذوف تقديره معبودا ، ويعلم من النهي عن اتخاذ اثنين ، النهي عن اتخاذ الأكثر بالأولى. قوله : (إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) أتى به لإثبات الألوهية والوحدانية ، والمعنى أن المعبود لا يكون إلا واحدا ، وإلا لم يوجد شيء من العالم ، قال تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) وقال تعالى : (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ). قوله : (فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) إياي مفعول لفعل محذوف ، يفسره قوله ارهبون ، أي ارهبوا إياي فارهبون ، والمعنى لا تخافوا غيري ، فإن النفع والضر بيدي ، والألوهية وصفي ، فلا تخشوا غيري ، ولا ترجوا غيري. قوله : (وفيه التفات عن الغيبة) أي إلى التكلم ، لأنه أبلغ في التخويف.
قوله : (وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فيه التفات من التكلم للغيبة ، وهذا دليل على أنه المنفرد بالألوهية والوحدانية ، إذ غيره لا يخلو ، إما أن يكون في السماوات أو الأرض ، وكل بما فيها مملوك لله ، فلا يصح ولا يليق اتخاذ غيره إلها. قوله : (ملكا وخلقا وعبيدا) أي فجميع ما في السماوات والأرض مملوكون مخلوقون له ، يتصرف فيهم كيف يشاء. قوله : (وَلَهُ الدِّينُ) أي التدين والانقياد لا لغيره ، فالطاعة لا تكون إلا الله وحده ، وطاعة الرسول والوالدين وأولي الأمر ، من طاعة الله لأمره بها. قوله : (والعامل فيه معنى الظرف) أي الاستقرار المفهوم من الجار والمجرور ، والمعنى استقر الدين له حال كونه دائما ، وهذا ظاهر على أن (الدِّينُ) فاعل بالجار والمجرور ، وأما إن جعل الدين مبتدأ مؤخرا ، والجار والمجرور خبرا مقدما ، فلا يصح ما قاله المفسر ، لأن العامل في الحال ، هو العامل في صاحبها ، والمبتدأ ليس معمولا للخبر ، وحينئذ فالأولى أن يجعل حالا من الضمير الكائن في الظرف ، والتقدير والدين ثابت له حال كونه واصبا. قوله : (أَفَغَيْرَ اللهِ تَتَّقُونَ) الهمزة داخلة على محذوف تقديره أتركتم عبادة الله ومخافته فغير الله تتقون. قوله : (والاستفهام للإنكار) أي والمعنى لا يليق منكم ، أي تتقوا غيره ، ولا تطيعوا غيره ، إلا إذا كان الآمر بذلك هو الله ، كطاعة الوالد والرسول ، ففي الحقيقة التقوى لله. قوله : (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ) أي دنيوية أو أخروية. قوله : (وما شرطية) أي وفعل الشرط محذوف ، والتقدير أيما نزل بكم ،