صاحب الكفاية ـ قده ـ من حمل الدلالة في كلامهما على الدلالة التصديقية غير الوضعيّة فان تبعيتها للإرادة في الواقع ونفس الأمر واضحة فلا مجال للكلام فيها أصلا.
ومن هنا يظهر فساد ما أورده المحقق صاحب الكفاية ـ قده ـ على حصر الدلالة الوضعيّة بالدلالة التصديقية بوجوه ثلاثة.
وإليك نصه : «لا ريب في كون الألفاظ موضوعة بإزاء معانيها من حيث هي مرادة للافظها ـ ١ ـ لما عرفت من ان قصد المعنى على أنحائها من مقومات الاستعمال فلا يكاد يكون من قيود المستعمل فيه ـ ٢ ـ هذا مضافاً إلى ضرورة صحة الحمل والإسناد في الجمل بلا تصرف في ألفاظ الأطراف ، مع انه لو كانت موضوعة لها بما هي مرادة لما صح بدونه ، بداهة ان المحمول على زيد في (زيد قائم) والمسند إليه في (ضرب زيد) ـ مثلا ـ هو نفس القيام والضرب ، لا بما هما مرادان. ـ ٣ ـ مع انه يلزم كون وضع عامة الألفاظ عاماً والموضوع له خاصاً ، لمكان اعتبار خصوص إرادة اللافظين فيما وضع له اللفظ ، فانه لا مجال لتوهم أخذ مفهوم الإرادة فيه كما لا يخفى ؛ وهكذا الحال في طرف الموضوع. انتهى».
والجواب عن جميع هذه الوجوه بكلمة واحدة ، وهي ان تلك الوجوه بأجمعها مبتنية على أخذ الإرادة التفهيمية في المعاني الموضوع لها ، وقد تقدم ان الإرادة لم تؤخذ فيها وان الانحصار المذكور غير مبتن على ذلك ، بل هي مأخوذة
__________________
ـ اللفظ أو جزء منه بحسب تلك اللغة أو لغة أخرى أو بإرادة أخرى يصلح لأن يدل عليه فلا يقال انه دال عليه انتهى» شرح منطق الإشارات ، مبحث تعريف المفرد والمركب قال ابن سينا : الدلالة الوضعيّة تتعلق بإرادة اللافظ الجارية على قانون الوضع حتى انه لو أطلق وأريد منه معنى وفهم منه لقيل انه دال عليه ، وان فهم منه غيره فلا يقال انه دال عليه ... ، وان كان ذلك الغير بحسب تلك اللغة أو غيرها أو بإرادة أخرى يصلح لأن يدل عليه ... إلى أن قال والمقصود هي الوضعيّة وهي كون اللفظ بحيث يفهم منه عند سماعه أو تخيله بتوسط الوضع معنى وهو مراد اللافظ. انتهى». شرح حكمة الإشراق ، باب الدلالات الثلاث