وقال القاضي النعمان : لمّا نظر رسول الله إلى أنّ عمرو بن عبد ودّ وأصحابه قد اقتحموا الخندق على المسلمين ، وأنّ خيلهم جالت بهم في السبخة بين الخندق وسلع (١) وأنّهم قربوا من مناخ رسول الله ، وتخوّف أن يمدّهم سائر المشركين فيقتحموا الخندق ، دعا عليّا عليهالسلام وقال له : امض بمن خفّ معك من المسلمين فخذ عليهم الثغرة التي اقتحموا منها ، فمن قاتلكم عليها فاقتلوه.
فمضى عليّ عليهالسلام في نفر معه يريدون الثغرة ... وعطف عليهم عمرو بن عبد ودّ بمن كان معه حتى قربوا منهم.
فنادى عليّ عليهالسلام عمرو بن عبد ودّ فأجابه ، فقال له عليّ عليهالسلام : إنّه قد بلغني أنّك كنت عاهدت الله أن لا يدعوك أحد إلى إحدى خلّتين إلّا أجبت إلى إحداهما (٢).
وفي «الإرشاد» : فبرز إليه أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقال له عمرو : ارجع ، يا ابن الأخ فما احبّ أن أقتلك ، فقال له أمير المؤمنين : قد كنت يا عمرو عاهدت الله أن لا يدعوك رجل من قريش إلى إحدى خصلتين إلّا اخترتها منه؟ قال : أجل فما ذاك؟ قال :
إنّي أدعوك إلى الله ورسوله والإسلام.
فقال عمرو : لا حاجة لي إلى ذلك.
قال عليّ عليهالسلام : فإنّي أدعوك إلى النزال.
فقال عمرو : ارجع ، فقد كان بيني وبين أبيك خلّة ، وما احبّ أن أقتلك!
فقال عليّ عليهالسلام : لكنّني والله احبّ أن أقتلك ما دمت أبيّا للحقّ!
__________________
(١) سلع : من جبال المدينة ، مر التعريف به في أوائل الغزوة.
(٢) شرح الأخبار ١ : ٢٩٤. وهي ألفاظ ابن إسحاق في السيرة ٣ : ٢٣٥ و ٢٣٦.