والنجاشي ، واني ـ والله ـ ما رأيت ملكا قط اطوع فيمن هو بين ظهرانيه من محمد في أصحابه! والله ما يشدون إليه النظر ، وما يرفعون عنده الصوت ، ويكفيه أن يشير الى أمر فيفعل ، وما يتنخّم وما يبصق الا وقعت في يد رجل منهم يمسح بها جلده! وما يتوضأ الا ازدحموا عليه أيّهم يظفر منه بشيء! وقد حرزت القوم.
وأعلموا أنّكم إن أردتم السيف بذلوه لكم ، وقد رأيت قوما ما يبالون ما يصنع بهم إذا هم منعوا و (حموا) صاحبهم ، والله لقد رأيت معه أناسا لا يسلمونه على حال أبدا! فروا رأيكم ، واياكم والوهن في الرأي ، وقد عرض عليكم خطة فمادوه! يا قوم اقبلوا ما عرض ، فاني لكم ناصح ، مع أني أخاف أن لا تنصروا عليه (فانه) رجل أتى هذا البيت معظما له معه الهدي ينحره وينصرف!
فقالوا له : يا أبا يعفور ، لا تتكلم بهذا ، ولو غيرك تكلّم بهذا للمناه ، ولكن نردّه عن البيت في عامنا هذا ويرجع ، الى قابل (١).
رسل رسول الله :
روى ابن اسحاق : أنّ رسول الله دعا خراش بن أميّة الخزاعي فبعثه الى قريش مكة ، وحمله على بعير له ، ليبلّغ أشرافهم عنه ما جاء له.
فعقروا به جمل رسول الله وأرادوا قتله فمنعت عنه الأحباش وخلّوا سبيله (٢).
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٥٩٨ ، ٥٩٩. وروى الطبرسي في مجمع البيان ٩ : ١٧٨ ، ١٧٩ : عن المسور بن مخرمة قريبا منه ، وذكر مختصره الحلبي في مناقب آل أبي طالب ١ : ٢٠٣.
(٢) ابن اسحاق في السيرة ٣ : ٣٢٨. وقال الواقدي في المغازي ٢ : ٦٠٠ كان أول من بعث رسول الله الى قريش خراش بن أميّة الكعبي ... ليبلّغ أشرافهم عن رسول الله ويقول لهم : إنما جئنا معتمرين معنا الهدي معكوفا ، فنطوف بالبيت ونحلّ وننصرف. فولي عكرمة بن ابي