فإن كان هذا هو فلا يهولنّه هؤلاء وجمعهم ، ولو ناوته هذه الجبال الرواسي لغلبها!
فقال حييّ : ليس هذا ذلك ، ذلك النبيّ من بني إسرائيل وهذا من العرب من ولد إسماعيل ، ولا يكون بنو إسرائيل أتباعا لولد إسماعيل أبدا! لأنّ الله قد فضّلهم على الناس جميعا وجعل فيهم النبوّة والملك ، وقد عهد إلينا موسى : أن لا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار ، وليس مع محمّد آية ، وإنّما جمعهم جمعا وسحرهم ويريد أن يغلبهم بذلك.
فلم يزل يقلبهم عن رأيهم حتّى أجابوه : فقال لهم : أخرجوا الكتاب الذي بينكم وبين محمّد ، فأخرجوه ، فأخذه حييّ بن أخطب ومزّقه وقال : لقد وقع الأمر ، فتجهّزوا وتهيّأوا للقتال.
ورجع حييّ بن أخطب إلى أبي سفيان وقريش فأخبرهم بنقض بني قريظة العهد بينهم وبين رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ففرحت قريش بذلك (١).
تبيّن الخبر :
وبلغ رسول الله ، ذلك فغمّه غمّا شديدا وفزع أصحابه ، فقال رسول الله لسعد بن معاذ واسيد بن حضير (٢) ـ وكانا من الأوس وكانت بنو قريظة حلفاء الأوس ـ : ائتيا بني قريظة فانظروا ما صنعوا؟ فإن كانوا نقضوا العهد فلا تعلما أحدا بذلك إذا رجعتما إليّ ، وقولا : عضل والقارّة.
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ١٧٩ ـ ١٨١. ومجمع البيان ٨ : ٥٣٥ و ٥٣٦ وهي فيه عبارة ابن إسحاق في السيرة ٣ : ٢٣١ و ٢٣٢. والواقدي عن ابن كعب القرظي أكثر تفصيلا ٢ : ٤٥٤ ـ ٤٥٧.
(٢) ذكرهما الواقدي ٢ : ٤٥٨ وزاد سعد بن عبادة ، ثمّ روى رواية اخرى فيها إضافة. خوّات ابن جبير وعبد الله بن رواحة ثمّ قال : والأوّل أثبت عندنا. والثانية هي رواية ابن إسحاق في السيرة ٣ : ٢٣٢.