وفي المساء مطرت السماء فكثر الماء ، فروى الواقدي بسنده عن أبي قتادة الأنصاري قال : فسمعت ابن ابي يقول : هذا نوء الخريف ، مطرنا بالشعري (١)!
فروى الواقدي بسنده عن زيد بن خالد الجهني قال : صلّى بنا رسول الله في الحديبية صبيحة مطر كان في الليل ، فلما انصرف أقبل على الناس فقال : هل تدرون ما ذا قال ربّكم؟ قالوا : الله ورسوله اعلم. فقال : إنه قال : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأما من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته ، فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب ، وأما من قال : مطرنا بنوء كذا وكذا ، فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب (٢).
هدايا المشركين :
قال الواقدي : وقالوا : لما نزل رسول الله الحديبية ... أهدى عمرو بن سالم الخزاعي من ضجنان لسعد بن عبادة الخزرجي وكان صديقا له غنما وجزرا على يد غلام منهم ، فجاء سعد بالغنم والغلام الى رسول الله فأخبره : أن عمرا أهداها له ، فقال رسول الله : فبارك الله في عمرو! ثم قال للغلام : يا غلام أين تركت أهلك؟ قال : تركتهم قريبا بضجنان وما والاه ، فقال : فكيف تركت البلاد؟ فقال الغلام : تركتها وقد تيسّرت ... قد ابتليت الأرض فتشبّعت شاتها وشبع بعيرها مما جمعا من حوض الارض وبقلها الى الليل ، وتركت مياههم كثيرة تشرع فيها الماشية ، مع قلة حاجتهما الى الماء لرطوبة الأرض.
فأعجب رسول الله لسانه وكانت عليه بردة بالية ، فأمر له بكسوة ، فكسي الغلام. فقال الغلام : اني اريد أن أمسّ يدك أطلب بذلك البركة! فقال رسول الله :
__________________
(١) المغازي ٢ : ٥٩٠.
(٢) المغازي ٢ : ٥٨٩ ، ٥٩٠.