رسول الله وختنه.
فقال عمرو : والله إنّ أباك كان لي صديقا قديما ، وإنّي أكره أن أقتلك. ما آمن ابن عمّك حين بعثك إليّ أن أختطفك برمحي هذا فأتركك شائلا بين السماء والأرض لا حيّ ولا ميّت!
فقال له عليّ عليهالسلام : قد علم ابن عمّي أنّك إن قتلتني دخلت الجنّة وأنت في النار ، وإن قتلتك فأنت في النار وأنا في الجنّة!
فقال عمرو : وكلتاهما لك يا عليّ؟ تلك إذا قسمة ضيزى!
فقال علي عليهالسلام : دع هذا يا عمرو ، وإني سمعت منك وأنت متعلّق بأستار الكعبة تقول : لا يعرضنّ عليّ أحد في الحرب ثلاث خصال إلّا أجبته إلى واحدة منها ، وأنا أعرض عليك ثلاث خصال فأجبني إلى واحدة. قال : هات يا عليّ.
قال : أحدها : أن تشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله.
قال عمرو : نحّ عني هذه فاسأل الثانية.
فقال : أن ترجع وتردّ هذا الجيش عن رسول الله ، فإنّ يك صادقا فأنتم أعلى به عينا ، وإن يك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب أمره!
فقال : لا تتحدّث نساء قريش بذلك ، ولا تنشد الشعراء في أشعارها : أنّي جبنت ورجعت على عقبي من الحرب وخذلت قوما رأسوني عليهم.
فقال عليّ عليهالسلام : فالثالثة : أن تنزل إليّ ، فإنّك راكب وأنا راجل ، حتى أنابذك!
فوثب عن فرسه وعرقبه ، وقال : هذه خصلة ما ظننت أنّ أحدا من العرب يسومني عليها (١).
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ١٨٣ و ١٨٤. وعرقبه : ضرب عرقوب الفرس ، عقب أقدامه.