فِي الْمَحِيضِ) ، فقال رسول الله : جامعوهن في البيوت واصنعوا كل شيء الا النكاح. فبلغ ذلك اليهود فقالوا : ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا الا خالفنا فيه (١).
وروى الطوسي عن الحسن والربيع وقتادة قالوا : إنما سألوا عن المحيض لأنهم كانوا على تجنّب امور من : مواكلة الحائض ومشاربتها ، حتى كانوا لا يجالسونها في بيت واحد. فاستعلموا : أواجب هو أم لا (٢).
ونقله عنه الطبرسي في «مجمع البيان» وبيّن : أنهم كانوا في الجاهلية يتجنّبون ذلك (٣) فان كان فقد تأثروا في ذلك واقتبسوه من أهل الكتاب واليهود خصوصا.
والآية أمرت باعتزالهنّ : (فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ) ولكنها فسّرت الاعتزال : (وَلا تَقْرَبُوهُنَ) وحددت ذلك بأجله : (حَتَّى يَطْهُرْنَ) ثم شرعت التطهير منه (فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَ) أو قاربوهنّ ، جوازا ، اذ هو أمر عقيب الحظر ، ولتكن المقاربة (مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ) باجتنابه ، وهو الفرج (٤).
فلو كان المسلم يقاربها ولا يعتزلها فهو الآن يشعر وكأنه كان عاصيا مذنبا ، ولو كان يعتزلها اكثر من اللازم كاليهود فكذلك أيضا ، فقال الله : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ) ثم علّل الاعتزال حتى التطهير بقوله سبحانه : (وَيُحِبُ
__________________
ـ وحمل عليه خالد فطعنه بالرمح فقتله شهيدا ـ مغازي الواقدي ١ : ٢٨١ وهذا يليق به أن يكون متقيا يسأل عن ذلك.
(١) الدر المنثور ١ : ٢٥٨.
(٢) التبيان ٢ : ٢١٩ ، ٢٢٠.
(٣) مجمع البيان ٢ : ٥٦٢.
(٤) التبيان ٢ : ٢٢٢ عن الربيع ومجاهد وقتادة عن ابن عباس.