أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ* فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ* وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ* الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)(١).
فالآيات أمرت بالقتال في سبيل الله ، ولكنّها نهت عن الاعتداء وعن القتال عند المسجد الحرام (أو الحرم) (٢) الا دفاعا ، وعن القتال في الشهر الحرام الا قصاصا.
وكأنّ بعض الأنصار قال لبعضهم سرّا دون رسول الله : إن أموالنا قد ضاعت ، وإن الله قد أعزّ الاسلام وكثر ناصروه ، فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها. فأنزل الله على نبيّه يردّ عليهم ما قالوه : (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)(٣) قال ابو أيوب الأنصاري : فكانت التهلكة : الاقامة في الأموال واصلاحها وتركنا الغزو (٤).
ثم تعود الآيات التالية الى فهرسة بعض احكام الحج في ثماني آيات من الآية : ١٩٦ الى الآية : ٢٠٣. ولم أجد فيما بأيدينا سببا خاصا لنزولها ، فهي عود على الآية : ١٨٩ بمناسبة اعتمار بعض المسلمين من الأنصار مثل سعد بن النعمان بن
__________________
(١) البقرة : ١٩٠ ـ ١٩٤.
(٢) روى الطوسي عن عطا عن ابن عباس قال : إن المسجد الحرام : الحرم كله ـ التبيان ٢ : ٢٠٨.
(٣) البقرة : ١٩٥.
(٤) السيد ابن طاوس في مقدمة الملهوف على قتلى الطفوف ، والسيد الطباطبائي في الميزان ٢ : ٧٣ عن الدر المنثور.