بعضهم قد يحجّون أو يعتمرون كما فعل في تلك الفترة سعد بن النعمان بن اكّال كما مرّ ، وكان قوم في الجاهلية اذا أحرموا ـ أو رجعوا من الحج ـ ينقبون في ظهر بيوتهم نقبا يدخلون منه ويخرجون (١) ، ولا يدخلون بيوتهم من أبوابها ، نزل قوله سبحانه : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(٢).
واذا كان تأليف الآيات ضمن كل سورة وفق ترتيب نزولها ، فتكتب واحدة تلو الاخرى تدريجيا حسب النزول حتى تنزل بسملة اخرى فيعرف أن السورة قد انتهت وابتدأت سورة اخرى ، حسب ما رواه العياشي في تفسيره عن الصادق عليهالسلام قال : وانما كان يعرف انقضاء سورة بنزول بسم الله الرحمن الرحيم ابتداء للاخرى (٣) وكما رواه اليعقوبي في تاريخه عن ابن عباس قال :
كان يعرف فصل ما بين السورة والسورة بنزول بسم الله الرحمن الرحيم فيعلمون أن الاولى قد انقضت وابتدئ بسورة اخرى (٤).
... فالآيات التالية في القتال نزلت في أجواء ما بعد بدر ، وبعد سريّة النخلة في آخر يوم من شهر رجب الحرام : (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ* وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ
__________________
(١) التبيان ٢ : ١٤٢. وعنه في مجمع البيان ٢ : ٥٠٩. وفي وجه السؤال عن الهلال نقل : أن معاذ بن جبل قال : يا رسول الله ، إن اليهود يكثرون مسائلتنا عن الأهلة فنزل.
(٢) البقرة : ١٨٩.
(٣) تفسير العياشي ١ : ١٩.
(٤) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٤ والحاكم في المستدرك ١ : ٢٣١ وانظر التمهيد ١ : ٢١٢ وبحوث في تاريخ القرآن وعلومه : ١٠٤ ـ ١٠٨.