الفصل الأوّل
في مادّة النهي
ونعني بالمادّة مجموعة «ن ، ه ، ي» على الترتيب في ضمن أيّة هيئة تحقّقت.
والظاهر أنّها تدلّ على طلب الترك وعدم الفعل ، فالفرق بين مادّة الأمر ومادّة النهي : أنّ الأولى تدلّ على طلب الفعل والوجود ، والثانية تدلّ على طلب الترك وعدم الفعل ، فكما إذا طلب المولى شيئا من العبد بمادّة الأمر يستفاد منها طلب إيجاد ذلك الفعل ، كذلك إذا طلب ترك الفعل بمادّة النهي فقال : نهيتك عن الزنا ، يستفاد منه طلب ترك الزنا ، وعدم إيجاده في الخارج.
ثمّ كما علمت في بحث الأمر أنّ الوجوب إنّما يستفاد من حكم العقل لا من نفس مادّة الأمر ، كذلك الحرمة تستفاد من حكم العقل لا من لفظ «النهي» ، فإذا نهى المولى عبده عن فعل حكم العقل بلزوم امتثال أمر المولى ووجوب إسعاف طلبه ، ولا يتحقّق الامتثال إلّا بترك ما طلب المولى تركه وبلزوم الانزجار عمّا زجره المولى عنه ، فالحرمة إنّما استفدناها من العقل ، ومادّة النهي ـ أعني مجموعة «ن ، ه ، ي» ـ إنّما دلّت على طلب الترك فقط.