ثانيا : القرينة العامّة أو مقدّمات الحكمة :
حيث ثبت لدى الأعلام من الأساتذة أنّ الألفاظ موضوعة لذوات المعاني لا للمعاني بما هي مطلقة ، فلا بدّ في إرادة المعنى المطلق من اللفظ من دليل خاصّ يفيد بأنّ المقصود من «رجل» مثلا هو مطلق رجل ، أو دليل عامّ خارجي يجري في كلّ مقام ، وهذا الدليل هو القرينة العامّة ، وهي تتألّف من عدّة مقدّمات ، والمعروف أنّها مقدّمات أربع :
الأولى : أن يكون معنى اللفظ قابلا للإطلاق والتقييد بأن يمكن تعلّق الحكم به في صورتي الإطلاق والتقييد ، مثل : لفظ «رجل» ، فإنه يمكن أن يأمر المولى بإكرامه على الإطلاق بأن يقول : أكرم رجلا ، ويمكن أن يأمر به مقيدا بأن يقول : أكرم رجلا مؤمنا.
الثانية : عدم نصب قرينة على التقييد لا متّصلة مع اللفظ في الكلام ولا منفصلة عنه ، بأن يقول : أكرم رجلا ، ويسكت ولا يأتي بقيد لا في هذا الكلام ولا في غيره.
الثالثة : أن يكون المتكلّم في مقام البيان ، بأن لا يكون غرضه الإجمال أو الإهمال في الخطاب لداع من الدواعي.
الرابعة : أن يكون المتكلّم حكيما وجادّا في كلامه وشئونه.
فإذا تمّت هذه المقدّمات فإنّ الكلام المجرّد من دليل التقييد يكون ظاهرا في الإطلاق ، فيكون قوله : أكرم رجلا ، مطلقا إذا تمّت فيه هذه المقدّمات المذكورة.