الفصل الخامس
في الضمير المخالف لحكم العامّ والعائد عليه
إذا ورد عامّ وثبت له حكم مخصوص ، ثمّ ورد ضمير عائد إليه حكم عليه بحكم يخالف حكم العامّ ، فهل رجوع ضمير كهذا يوجب تخصيص حكم العامّ ، بأن يختصّ بالأفراد التي يرجع إليها الضمير من دون فرق بين كون الضمير والعامّ في كلام واحد ، وبين كونهما في كلامين؟
ومثّل له بقوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ...)(١) ، حيث ورد فيه الحكم بالتربّص للمطلّقات الذي هو جمع معرّف باللام مفيد للعموم ، فيشمل المطلّقة الرجعية والبائنة ، والحكم بالتربّص ـ أي الاعتداد ـ بظاهره شامل للكلّ ؛ ثمّ قال الله تعالى بعد هذا : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ ...)(٢) يعني يجوز لأزواج المطلقات المراجعة ، ومعلوم أنّ جواز الرجوع مختصّ بالمطلّقات الرجعية ، ولا يعمّ البائنة ، فعليه يكون الضمير في (بُعُولَتُهُنَ) راجعا إلى بعض أفراد العامّ المذكور في الآية السالفة.
فإذا قلنا : إنّ رجوع هذا الضمير إلى بعض أفراد العامّ موجب
__________________
(١ و ٢) البقرة : ٢٢٨.