والانتقال في باب وضع الألفاظ وسائر الدوالّ على نهج واحد من حيث الدلالة
والانتقال بلا وجود ترديد وإشكال ، وإذا لم تر من ناصب العلم تعهّدا في نصب العلم
على رأس الفرسخ من دون ذلك الوضع عليه بداعي الانتقال ، فلك أن ترى ذلك في مبحثنا
هذا ، كما لك أن ترى الفرق بين الدلالتين في وضع الأعلام بأنّه حقيقي خارجي ، وفي
وضع الألفاظ اعتباري محض يكون قوامه بيد المعتبر .
هذا تمام
الكلام في بيان ما ذهب إليه في الوضع بعض مشايخنا المحقّقين ، وملخّص كلامه قدسسره يتشخّص في امور لا بدّ لنا من التنبيه عليها.
منها : أنّ
حقيقة الوضع لا مساس له بالتسبيب ، بل هو أمر مباشريّ قوامه بيد من له الاعتبار
بالمباشرة.
ومنها : أنّ
الارتباط والاختصاص لا ربط له بحقيقة الوضع بوجه من الوجوه ، بل هما إنّما يكونان
من لوازم الوضع.
ومنها : أنّ
حقيقة الوضع ليست من وادي التعهّد والالتزام النفساني من الأصل والأساس بوجه من
الوجوه ، ولكن من دون أن يشيّده بالبرهان.
ومنها : أنّ
حقيقة الوضع بحسب التحليل ليس إلّا من سنخ نصب الأعلام في مكانها المخصوص بلا شكّ
وارتياب ، غاية الأمر أنّ الوضع في الأعلام حقيقي خارجي وفي المقام اعتباري جعلي.
فلا يذهب عليك أنّ هذا الأمر في الحقيقة نتيجة الامور الثلاثة المتقدّمة ووليدتها
، فإذا وقفت على جميع ما ذكرناه لتوضيح هذا القول بما لا مزيد عليه فلا بدّ من
بيان أصل المطلب في حلّ الإشكال.
فنقول وبالله
التوفيق : إنّ الأوّل والثاني في نهاية الصحّة والتصديق على جميع تلك المذاهب
والمشارب في بيان حقيقة الوضع وتفسيره ، من دون أيّ فرق بين
__________________