كلامه ، وأنّه الحقّ ، فلا بدّ لنا من التصديق بحسب ظاهر الأمر ؛ إذ لا ينبغي الشكّ لأحد أنّ السنّة الواقعية تثبت تعبّدا بواسطة خبر الواحد ، ولكنّ الحقّ أنّ ذلك من عوارض الخبر دون السنّة ، إذ ذكرنا غير مرّة أنّ الثبوت التعبّدي على طبق مسلكنا عبارة عند الشارع عن إلغاء احتمال الخلاف ، وذلك عند التحليل يرجع إلى إعطاء الشارع عنوان الطريقيّة والكاشفيّة والانكشاف شرعا وتعبّدا بخبر الواحد ببركة الدليل الذي يدلّ على حجّيته بعد عدم كونه كذلك قبل هذا الإعطاء.
ولكن بعد الإعطاء فكأنّه جعله علما للمكلّف في عالم التشريع شرعا بعد ما لم يكن كذلك قبل الإعطاء ، إلّا أنّه بعد الإعطاء لا ينفكّ عن الإثبات والانكشاف للسنّة عند المطّلع على هذا الإعطاء شرعا ، ويكون بهذا التقريب هو من عوارضها الملحقة بها.
ولكنّ الحقّ والإنصاف عدم كون ذلك هو المبحوث عنه في هذه المسألة ، بل المبحوث عنه فيها طريقيّة خبر الواحد وإعطاء الكشف به وجعله كالعلم واليقين من باب التعبّد. ومن البيّن الظاهر غير القابل للإنكار أنّ هذه الطريقيّة من عوارض خبر الواحد دون السنّة ، والثبوت التعبّدي على مسلك المشهور ليس إلّا عبارة عن إنشاء الحكم الظاهري على طبق مدلول الخبر ، وذلك يكون من عوارضه دون السنّة بحسب الظاهر.
فانقدح بذلك البيان حال مسلك صاحب الكفاية في باب حجّية خبر الواحد من أنّه ليس إلّا جعل المنجّزية والمعذّرية (١) ؛ إذ من الواضحات الأوّلية أنّهما من عوارضه وصفاته أيضا ، لا من عوارض السنّة.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣١٩ ، مبحث الجمع بين الأحكام الواقعيّة والظاهريّة.