إلّا من باب المجاز.
فبهذا التقريب الذي قرّرناه لك انقدح أنّ اختلاف المواد في المشتقّات لا دخل له في محلّ النزاع والكلام بوجه من الوجوه بالقطع واليقين ؛ إذ النزاع إنّما هو في وضع الهيئات للمشتقّات ، وأنّها موضوعة للمعنى الجامع أو للحصّة الخاصّة منه بلا نظر إلى وضع موادّها ، وأنّها ظاهرة في الفعليّة أو في القابليّة والملكة أو الحرفة والصنعة ، ففي جميع ذلك يجري النزاع ، نهاية الأمر أنّ الانقضاء في كلّ مورد يكون بحسبه. ولأجل ذلك كان اختلاف المواد من هذه الجهة والناحية موجبا لاختلاف زمن التلبّس طولا وقصرا ، كما عرفت تفصيلا بما لا مزيد عليه.
وبهذا التقريب وقفت على فساد ما ذهب إليه شيخنا الاستاذ قدسسره (١) من عدم دخول أسماء الآلة ، وأسماء المفعولين في محلّ النزاع ، تبعا لصاحب الفصول قدسسره (٢) إذ ذكر قدسسره أنّ هذا النزاع غير جار في اسم الآلة واسم المفعول ، إذ الانقضاء غير متصوّر فيهما إلّا بالانقلاب عمّا وقع الشيء عليه من الحالة المفعوليّة فيهما ، فمن البديهي أنّ ذلك باطل وفاسد ، لاستحالة أن ينقلب الشيء عمّا وقع عليه.
بيان ذلك أنّه غير خفي للمتأمّل الدقيق أنّ هيئة المفعول وضعت من قبل الواضع لمن وقع عليه الفعل ، فمن وقع عليه الفعل فهو مفعول أبدا ، كما أنّ من وقع عليه القتل فهو مقتول أبدا ، فلا يمكن تصوّر الانقضاء فيهما إلّا بخروجهما عن ذلك العنوان من المفعوليّة والمقتوليّة.
وبعبارة اخرى : فساد ما أفاده قدسسره من خروج أسماء الآلة وأسماء المفعولين
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٨٣.
(٢) الفصول الغرويّة ١ : ٦٠.