تكلّم بهذا الكلام والخبر بغير قصد واعتقاد ، وهذا السنخ من الكلام لا يتّصف بالكذب ، بل يكون من قبيل الكلام الذي لا اعتبار به من جهة الغفلة والسهو في الكلام وإن صار موجبا لخطور المفهوم والمعنى في ذهن السامع ، وهذا السنخ من الخطور في الذهن من سماع أمثال تلك الأخبار يكون من قبيل إيجاد تلك الأصوات من اصطكاك بعض الأحجار ببعض في إحضار القيام وزيد في تخيّل السامع من دون أن يكون من قبيل الكلام التصديقي في اعتقاد المتكلّم والسامع في اتّصاف زيد بالقيام.
وبالجملة ، لبّ المقصود من البحث والكلام في هذا المقام عبارة عن أنّ الكلام الخبري ليس إلّا كاشفا عن اعتقاد المتكلّم والمخبر باتّصاف المخبر به بالنسبة الخبريّة في اعتقاد الناطق بهذا الكلام ، فالصدق والكذب يعرض لهذا الكلام بذلك الاعتبار لا غير.
وهذا المسلك يكون هو الحقّ والمختار ، كما تقدّم نظير ذلك المقام في باب الوضع ؛ لأنّ الناطق بالكلام إذا أراد أن يبرز مقصده في مقام التخاطب والتفهيم والتفهّم لمن يكون في قباله من السامعين فلا بدّ من استخدام وسيلة وآلة حتّى تكون هي الوسيلة والواسطة ، بالضرورة من الوجدان في كلّ محاورة ولسان في مقام التفهيم والبيان ولو كان ذلك هو الإيماء والإشارة بما لها من الأقسام فيما إذا لم يمكن تحصيل ذلك المقصد عن طريق تلفّظ الألفاظ الموضوعة على فرض المحال.
وعلى كلّ حال ، فقد انتهى كلامنا إلى بيان كيفية الإنشاء والإخبار ، وقد تقدّم أنّ صاحب الكفاية قدسسره بعد ما اختار أنّ المعنى الحرفي والاسمي متّحدان بالذات والحقيقة ومختلفان باللحاظ الآلي والاستقلالي ، قال : لا يبعد أن يكون الاختلاف بين الإنشاء والإخبار أيضا من هذا القبيل ، بمعنى أنّ طبيعي المعنى